للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي جانب آخر، تكون عند كثير من الناس مبالغ أفرزوها من حاجاتهم اليومية، ورصدوها لحاجاتهم المتوقعة في المستقبل. وأن هذه المبالغ تكون مودعة في بيوت أصحابها، أو في حسابهم الجاري في البنوك، فلا يمكن أن تستغل هذه المبالغ لصالح الإنتاج الوطني، إلا بأن تدفع إلى المنتجين أو التجار قرضا، فيستعملونها في أعمالهم الإنتاجية أو التجارية. ولكن أصحاب الأموال ينفرون من إقراضها خشية أن لا يجدوها عندما تعرض لهم الحاجات التي رصدوا هذه المبالغ من أجلها.

فجاءت فكرة إصدار سندات القروض تشجيعا لأصحاب الأموال في القرض، وإزالة لمخاوفهم، وذلك بطريقين:

الأول: بإطماع أصحاب الأموال بتحديد فائدة ربوية على هذه القروض.

والثاني: يجعل هذه السندات محلا للتداول، بأن حاملها كلما أراد أن يحصل على سيولة، جاز له أن يبيعها في السوق المفتوحة بقيمتها السوقية التي تزيد في الغالب عن قيمتها الاسمية.

وبهذا استطاع النظام الاقتصادي المعاصر أن يستخدم أموال الناس المودعة في بيوتهم لعملية الإنتاج والاستثمار.

ولكن هذا الطريق مبني على أساس القرض الربوي الذي لا تبيحه الشريعة الإسلامية في حال من الأحوال، وفيه من المفاسد الشرعية والاقتصادية ما ليس هذا محل لبسطها.

ومن هنا أراد بعض المسلمين في البلاد الإسلامية أن يأتوا ببديل لهذه السندات في شكل (سندات المقارضة) والمقارضة أو القراض عقد معروف في الفقه الإسلامي يسلم فيه رب المال أمواله إلى عامل يستثمرها بطريق التجارة، ويكون الربح الناتج من هذه التجارة بينهما بالنسبة المتفق عليها. وإن هذا العقد يسمى (مضاربة) أيضا.

فالفكرة الأساسية وراء سندات المقارضة أن يحدث عقد المضاربة بين حامل هذه السندات ومصدرها، فلا يستحق صاحب السند فائدة محددة، وإنما يستحق نسبة معينة من الربح إن أثمرت التجارة ربحا.

وقد أصدرت عدة بلاد إسلامية قوانين خاصة بالنسبة لهذه السندات، فنريد في هذا البحث أن ندرس هذه القوانين، وما شرعت لها من خطة عملية، ليمكن لنا البت في حكمها الشرعي. ثم نأتي باقتراح خطة عملية في ضوء الشريعة الإسلامية.

وبين يدينا في هذا الوقت مشروع للقانون – وهو قانون سندات المقارضة رقم ١٠ لسنة ١٩٨١م الذي أصدرته المملكة الأردنية الهاشمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>