للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه خلاصة الصيغة التي طرحها القانون الأردني لسندات المقارضة. ولو نظرنا فيها بإمعان. وجدنا أن فيها مؤاخذات من الناحية الشرعية.

١- إن طبيعة المضاربة أو المقارضة تقتضي أن لا يضمن لأحد من الفريقين برأس المال ولا بالربح، فإن ما يحصل لهما ليس فائدة ربوية، وإنما هو ربح تجاري، والربح التجاري إنما يستحق من جهة تحمل الأخطار، فإذا كان رأس المال مضمونا لرب المال، خرج العقد عن طبيعة المضاربة. وبما أن القيمة الاسمية للسندات في الصيغة الأردنية مضمونة لحامليها، فإن هذا الشرط لا يوافق المضاربة المعهودة في الشريعة الإسلامية.

وربما يقال: إن الذي ضمن هذه القيمة ليس مصدر السندات أو العامل، وإنما ضمنته الحكومة كطرف ثالث، والممنوع في الشريعة أن يضمن أحد طرفي العقد بالمال للطرف الآخر. فأما إذا جاء شخص ثالث، وضمن لأحدهما ما يخسره في العقد فلا مانع منه شرعا.

ولكن هذا العذر غير وارد في الصيغة الأردنية. لأن الحكومة لا تضمن ههنا بالقيمة الاسمية لحامل السند نيابة عن الجهة المصدرة، ولذلك يعتبر المال المدفوع قرضا للحكومة في ذمتها ويجب عليها أداؤه عندما يتم الإطفاء الكامل للسندات. وما دامت الجهة المصدرة تلتزم بأداء هذا المبلغ إلى الحكومة، أن الضامنة في الحقيقة هي الجهة المصدرة للسند، لا الحكومة.

٢- ولئن تصورنا تعديل القانون بأن تكون الحكومة متبرعة محضة، ولا يعتبر المال المدفوع من قبلها قرضا في ذمة الجهة المصدرة، فحينئذ تدخل هذه الصيغة المعدلة في حكم (ضمان الطرف الثالث) وإن الضابط المعروف في الفقه الإسلامي أن الكفيل إنما تصح كفالته لما هو مضمون على الأصيل، كالقرض، وثمن البيع، وسائر الديون. أما ما لم يكن مضمونا على الأصيل، فلا تصح كفالته، مثل الوديعة ورأس مال الشركة والمضاربة، وما إلى ذلك، وهذا الضابط معروف في كتب الفقه ليس فيه خلاف لأحد من العلماء.

وإليكم بعض النصوص الفقهية في هذا المجال:

<<  <  ج: ص:  >  >>