للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواضح في هذا التطبيق الجديد لعقد المضاربة أن أطراف عقد المضاربة لا يجتمعون في مكان واحد أو في مجلس عقد واحد، بحيث يمارسون المساومة في شروط عقد المضاربة ونوع النشاط وطبيعة المشروع وسلطات المضارب، وحصته من الربح وغير ذلك مما يتضمن عقد المضاربة، بل وقد لا يعرف بعضهم بعضا، كما أن حملة صكوك المضاربة باعتبارهم أرباب المال قد يتغيرون من وقت لآخر نتيجة تداول هذه الصكوك في سوق الأوراق المالية. ويمكن تشبيه عقد المضاربة في صورته الحديثة التي تقوم على صدور الإيجاب بشروطه وحدوده من المضارب، بحيث لا يتاح لأرباب المال فرصة مناقشة بنود العقد وشروطه، عقود الإذعان في القانون؛ إذ إن رب المال في هذه الصورة لا يملك إلا القبول أو الرفض، وهو إن قبل فإنما يقبل بناء على معلومات وبيانات لا يتيسر له التحقق من صحتها في الكثير الغالب من الحالات، ولذلك قلنا إن المضارب مسؤول عن صحة هذه البيانات والمعلومات.

وحصيلة صكوك المضاربة بعد بيعها تمثل رأس مال المضاربة، وهو مملوك لحملة هذه الصكوك، ويد صاحب المشروع (المضارب) عليها يد أمانة، وعند بدء التشغيل وتحويل النقود إلى سلع ومعدات ومبان تنتقل ملكية حملة الصكوك إلى هذه السلع والمعدات باعتبارها مكونات المشروع.

ثالثا: ضمان المضارب لصكوك المضاربة:

عرفنا أن المضارب في هذه الحالة هو من تم الاكتتاب لصالحه، سواء قام به بنفسه أو قام به غيره نيابة عنه، فهو صاحب فكرة المشروع، وهو الذي يتلقى حصيلة الاكتتاب ويوجهها للاستثمار في المشروع، وفق دراسة الجدوى وشروط نشرة الاكتتاب وصكوك المضاربة، وذلك باعتباره مضاربا، فهو لا يملك المشروع إلا بقدر ما يكتتب فيه لنفسه، ولكنه يديره لحساب مالكيه، وهو يديره وفق أحكام المضاربة الشرعية، وعلى أساس الشروط التي تضمنها الوثائق التي قلنا إنها تمثل الإيجاب، أي نشرة الإصدار ودراسة الجدوى وصكوك المضاربة، والتي على أساسها تم القبول بشراء هذه الصكوك التي تمثل حصته في ملكية المشروع بعد إنشائه.

والمضارب في هذه الحالة قد يكون فردا وقد يكون شركة، وقد يكون مؤسسة مالية كالبنوك وشركات الاستثمار، وهو في جميع الأحوال صاحب قرار الاستثمار لا يشاركه فيه حملة الصكوك باعتبارهم أرباب المال، ولا يقيده في إصداره إلا أحكام المضاربة الشرعية والشروط التي تضمنتها نشرة الإصدار ودراسة الجدوى، وصكوك المضاربة، وهذا هو مقتضى عقد المضاربة وحكمها الأساسي الذي يفرق بين المضارب والأجير ولا يجوز الاتفاق على عكسه بأن يقيد المضارب في اتخاذ القرار الاستثماري باستشارة رب المال، أو العمل بتوجيهاته في هذا القرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>