للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأول فهو: نقصان الدقة في التعريف حين جعل الفائدة ملازمة للقرض مع أنه قد تكون هناك قروض موثقة بسندات وليست لها فوائد، وهذا هو الأصل في القروض إذا كان المقرض مسلما ملتزما بشريعة الإسلام، وكان حريا بنخبة علماء اللغة الذين أشرفوا على وضع هذا المعجم ومراجعته أن لا يقعوا في هذا الوهم المتأثر بالضعف، أما الفكر الغربي الذي يربط القروض بالفوائد إلزاما. ألم يسمع هؤلاء النخبة أبدا بالقرض الحسن بمفهومه الإسلامي؟ وهل سند القرض الحسن لا يسمى سندا لأنه ليس له فائدة ثابتة؟

أما الأمر الثاني فهو يتمثل في قصور العلم لدى واضعي المعجم حين وصفوا الفائدة بكونها ثابتة حيث إنها ليست الشكل الوحيد لسندات القروض المالية. لأنه يوجد هناك أيضا سندات القروض ذات الفوائد العائمة أي الفوائد التي تتغير حسب تغيرات الأسعار العالمية لفوائد العملات القابلة للتحويل.

والذي نراه أن تطويع اللغة العربية للمفهوم الاقتصادي الغربي يدل على مدى تغلغل الضعف والتأثر بالفكر الوافد وهو الأمر الذي كنا نتمنى أن لا تتأثر به النخبة المختارة من علماء اللغة العربية الذين يضعون لها المعاجم التي تصبح مع الأيام مرجعا معتمدا.

لذلك لا يستغرب أن يكون استعمال كلمة السند حافزا لنفور بعض رجال الفقه المعاصرين المدفوعين بالوهم الذي يوقعهم فيه التعريف المختار في المعجم الوجيز.

وإن المأمول أن يتنبه مجمع اللغة العربية لتصحيح هذا التعريف الموهم للسند في الطبعات القادمة بإذن الله.

وسندات المقارضة لا تخرج عن هذا المفهوم الاصطلاحي باعتبار أن السند بحد ذاته هو وثيقة إثبات حصة المشاركة في رأس مال القراض. فالمقارضة مأخوذة من لفظ القراض وهو العقد المعروف بلفظ المضاربة. وقد شاع استعمال لفظ المضاربة عند الحنفية والحنابلة والزيدية (١)


(١) انظر في ذلك: - الميرغيناني، الهداية في شرح بداية المبتدى، الجزء الثالث، صفحة ١٦٢- كتاب القراض. - ابن هبيرة، عن معاني الصحاح، صفحة ٢٠٥، باب المضاربة. - السياغي، الروض النضير، الجزء الثالث، باب المضاربة.

<<  <  ج: ص:  >  >>