والقضية تكون واضحة قبل بدء العمل في المال حيث يكون رأس المال نقودا ولا مجال للقول ببيع النقود وإنما تمكن الحوالة بقيمتها حاضرا بحاضر ويدا بيد ومثلا بمثل بلا زيادة ولا نقصان.
أما بعد أن يبدأ العمل فإن رأس المال يصبح مالا مختلطا من النقود المتبقية والديون (إن وجدت) والأعيان المتمثلة في بضاعة المضاربة أو موجودات المشروع الذي جرى استثمار رأس المال فيه. وهنا يصبح سند المقارضة عبارة عن حصة شائعة في مجموع موجودات المشروع تماما كالسهم في الشركات المساهمة. ومعلوم أن السهم له قيمة اسمية معلنة دينار واحد مثلا أو عشرة ريالا إلا أنه يباع ويشتري بقيمة قد تزيد أو تقل عن القيمة الاسمية المعلنة تبعا لنجاح الشركة المساهمة أو فشلها.
فإذا أخذنا بهذه النظرة الواقعية من ناحية كون سند المقارضة بعد بدء العمل في المشروع المختص به يصبح ممثلا لحصة شائعة في موجودات ذلك المشروع. فإن القول بجواز تداول مثل هذا السند بالبيع والشراء وغير ذلك من الأسباب الموجبة لنقل الملكية لا يكون متعارضا مع القواعد الفقهية.
ويود الباحث أن يستزيد من علم السادة العلماء الأفاضل حول هذه النقطة مع الإشارة إلى أن هناك رأيا مماثلا أفادت فيه لجنة العلماء المشاركين في ندوة البركة الثانية للاقتصاد الإسلامي المنعقدة في تونس ما بين ٩ – ١٢ صفر عام ١٤٠٥هـ الموافق ٤ – ٧ نوفمبر عام ١٩٨٤ حيث أقرت جواز الاتفاق على بيع حصص أو أسهم في شركة ذات موجودات حقيقية ليست مقتصرة على الديون والنقود (١) .
(١) انظر: جواب السؤال الخامس في مجموعة الفتاوى الصادرة من لجنة العلماء في ندوة البركة الثانية للاقتصاد الإسلامي. ملاحظة: ندوات البركة هي ندوات علمية للبحث في الصور التطبيقية للاقتصاد الإسلامي المعاصر قد سن هذه السنة الحسنة الشيخ صالح عبد الله كامل حيث يستضيف في كل عام بعض أهل العلم من رجال الفقه الإسلامي ورجال البنوك والاقتصاد الإسلامي لمناقشة متطلبات العصر وإعطاء الفتوى في المسائل المبحوثة