للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك يتضح أن علاقة مالك سند التنمية مع الدولة هي علاقة دائن مقرض بالمدين المقترض وأن الدولة تدفع الفوائد لهؤلاء المقرضين من ميزانيتها السنوية التي تجبى في الحقيقة من المواطنين بشكل رسوم وضرائب وغيرها.

وليس هناك خلاف في أن وجود علاقة الدائنية والمديونية والزيادة المشروطة على المدين للدائن تجعل عناصر الربا متوفرة.

ولكن السؤال الذي قد يثار هنا هو النظر إلى كل من شخص المقرض والمقترض. فالدولة هي المقترض والمقرضون هم المواطنون، فهل يختلف حكم القول بالتحريم بسبب اختلاف أشخاص المتعاملين؟

تعتبر هذه المسألة من الشبهات المثارة حول الربا قديما وحديثا.

فقد ذهب الحنفية في الماضي إلى القول أنه لا يقع الربا بين السيد وعبده وذلك لأن من شرائط جريان الربا – كما قال صاحب البدائع – (أن لا يكون البدلان ملكا لأحد المتبايعين، فإن كان (أي البدلان ملكا لواحد) لا يجري الربا ... ) (١) .

وجاء في كتاب النيل وشفاء العليل في الفقه الإباضي في عبارة المتن ( ... حرم الربا لا بين عبده وسيده ... ) (٢) وبين شارحه في كتاب شرح النيل بأن العلة في ذلك (ما بيد العبد ملك لسيده) فلم يتحقق بيع (ولكن الشارح عاد ليقول بأن من قال بأن العبد يملك ما وهب له أو أوصى له به أو التقطه أو نحو ذلك حرم الربا بين العبد وسيده) (٣) .

وقد خالف الشافعي رأي الحنفية في هذه المسألة حيث ذكر النووي في المجموع أنه (يستوي تحريم الربا الرجل والمرأة والعبد والمكاتب بالإجماع) (٤) .

وإذا كان نظام الرق لم يعد قائما في الواقع المعاصر فإن وجود هذه الآراء الفقهية المذهبية قد فتحت بابا لبعض المعاصرين للقول بأنه لا ربا بين الدولة ورعاياها ولا سيما في ضوء سيطرة الدولة في بعض الدول الإسلامية على البنوك المؤممة وتدخلها المباشر في إدارة القطاع المصرفي.


(١) انظر الكاساني، بدائع الصنائع، الجزء السابع، ص ٣١٢٩
(٢) انظر الثميني، النيل وشفاء العليل، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، (الجزائر، المطبعة العربية، ١٩٦٨، صفحة ٤٥٥
(٣) انظر: محمد بن أطفيش شرح النيل، الجزء الرابع، طبعة الباروني، صفحة ١٨
(٤) النووي، المجموع شرح المهذب، الجزء التاسع، صفحة ٤٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>