للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال هذا: إذا استثمرت أموال السندات في البناء، وأجر المبني، فإن الربح الظاهري هو الإيجار، لكن هذا لا يمثل الربح الواقعي.

فالمبني إذا تكلف عشرة ملايين، وهبط سعره إلى خمسة، فقد هبط خسارة كبيرة، مع أن الظاهر أن الإيجار ربح، وفي الواقع لا يعوض شيئا يذكر من الخسارة الفعلية. ولو أن هذا المبنى الذي تكلف عشرة، أصبحت قيمته عشرين، فإن الإيجار لا يمثل الربح الحقيقي.

وفي الحالة الأولى يكون صاحب السندات ظالما إذا أخذ ما دفعه وهو القيمة الاسمية مع تحقق هذه الخسارة.

وفي الحالة الثانية يكون مظلوما إذا لم يأخذ إلا القيمة الاسمية الربح الظاهر.

٣- كفالة الحكومة للقيمة الاسمية للسندات تخالف عقد الكفالة، فالكفيل لا يضمن ما ليس مضمونا على الأصيل. وجعل الكفالة هنا من باب الوعد الملزم الذي قال به بعض الفقهاء يحول الأمور إلى مسائل شكلية وكما يجوز ضمان أصل، يجوز ضمان نسبة زيادة على رأس المال، وبذلك يفتح باب الربا على مصراعيه في عصرنا، وتقبل كل الفوائد الربوية على أنها وعد ملزم، فيمكن لبنك رئيسي أن يضمن الأصل والفوائد للمودعين في البنوك الفرعية، وكل منها له ذمة مستقلة. والعلاقة بين البنك الرئيسي وفروعه لا تزيد عن العلاقة بين الدولة وإحدى وزارتها.

والمسلم عندما يستثمر أمواله يعلم أن الغنم بالغرم، والغرم بالغنم. فقد يربح وقد يخسر، وهذا فرق واضح بين المسلم المستثمر والمرابي.

ومع كل هذا لو سلمنا بجواز كفالة الحكومة لوزارة الأوقاف فإن الكفالة إنما هي لإقراض الوزارة حتى تتمكن من دفع القيمة الاسمية، وليست هبة، والوزارة كمقترض ضامن لرد المثل للحكومة، وهذا يعني أن وزارة الأوقاف هي نفسها الملتزمة بالأداء ولكن بعد الإطفاء الكامل للسندات إذا عجزت عن أداء التزاماتها قبل هذا.

إذا وزارة الأوقاف هي في واقع الأمر ضامنة لرد القيمة الاسمية للسند في جميع الحالات، مع جزء من الأرباح الظاهرة لا الحقيقية، ولكن إذا عجزت اقترضت لأداء ما عليها من ديون، والحكومة وعدت وعدا ملزما بأن تقرضها في مثل هذه الحالة. فكيف غاب هذا عمن أفتى بجواز هذه الكفالة؟!

٤- هذه السندات إذن ليست من القراض بشروطه المجمع عليها كما نعرف في الفقه الإسلامي، ولهذا يقول الأستاذ الدكتور العبادي: (الواقع أن هذه السندات طرحها التقنين الأردني على أساس أنها من صور التعامل الجديد القائمة على مبادئ الاقتصاد الإسلامي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>