الفصل العاشر
محاذير ومطبات في تشخيص موت الدماغ
أن الأخطاء التي وقعت وأثيرت بسببها ضجة كبرى في الصحافة عن أشخاص أعلن الأطباء وفاتهم ثم قاموا يمشون ناتجة عن الأسباب التالية:
١- عدم تحقق الشروط المسبقة وهي:
(١) وجود شخص مغمى عليه لا يتنفس الا بواسطة المنفسة.
(ب) وجود سبب عضوي لإصابة جذع الدماغ بحيث لا يمكن برؤه بالوسائل الطبية المتاحة.
ويعتبر هذا أهم سبب لحدوث الأخطاء فمعظم الحالات التي أعلن أنها عادت إلى الحياة بعد إعلان موت دماغهم كانت تعد لحالات فقدان الوعي والتنفس بسبب الكحول أو المخدرات (الهرويين المورفين أو مشتقاتها) أو المرقدات (الباربيتورات) أو المهدئات (الفاليوم الليبيريم) أو مضادات الكآبة (الايمبرايمن أو التربتلين) .
وهذه جميعها أسباب مؤقتة لفقدان الوعي والتنفس ويمكن بوسائل الإنعاش الحديثة إنقاذ مجموعة كبيرة منها..
وبما ان مفعول الفينوباريبتون قد يستمر ١٤ ساعة مسببا بذلك الإغماء العميق وعدم التنفس فإن الوفاة قبل مرور هذه المدة خطأ وإذا كانت الوسائل متاحة فلابد من إجراء فحص الدم للتأكد من زوال هذه المادة من الدم وبما ان زوال هذه المادة من الدماغ يسبق في الغالب زوالها من الدم فإن زوالها من الدم يعني بالتالي زوالها من الدماغ.
٢- فحوص الأفعال المنعكسة من جذع الدماغ قد يحدث خطأ من استخدام هذه الفحوص رغم بساطتها فمثلا إذا كان ضوء البطارية التي تسلط على العين لفحص حركة حدقة العين ضعيفا أو غير كاف فان الحدقة قد لا تتحرك رغم سلامة الأعصاب وجذع الدماغ.
وكذلك فإن الحدقة قد تكون متسعة ولا تتحرك لوجود دواء (قطرة الاتروبين مثلا في العين) أو أن الشخص تناول عقارا يسبب اتساع حدقة العين قبل حصول الإغماء كما يحدث في حالات التسمم لدى الأطفال عندما يأكلون خطأ ثمار شجرة البلادونا ست الحسن التي تشبه الكرز. أو كما يحدث عندما يتناول شخص ما عقار البلادونا أو مشتقاتها العديدة. أو الامنتيامين أو القات بكمية كبيرة ثم تحدث لمثل هذا الشخص حادثة تفقده الوعي.
وربما كان العصب المحرك لعضلة الحدقة مشلولا فيؤدي ذلك إلى اعتقاد الحدقة لا تتحرك بسبب موت جذع الدماغ.
وهكذا قل في بقية الفحوصات الأخرى التي ذكرناها وهي:
١- فحص القرنية وعدم الارماش.
٢- عدم حركة مقلة العين عند صب الماء البارد على الإذن.
٣- عدم التكعم Gag reflex عند لمس باطن الحلق وعدم الكحة عند لمس الحنجرة أو القصبة الهوائية بواسطة القنطرة.
٤- عدم تقطيب الجبين Grimacing عند الضغط على الجبين أو أي موضع في الجسم ضغطا مؤلماَ.
ولكن من المستحيل ان تتحكم الأخطاء في هذه الفحوصات جميعا ويكون جذع الدماغ حيا إذا كان الطبيب الذي يجرى هذه الفحوصات مدربا عليها.
٣- الخطأ في فحص عدم التنفس:
إن المصاب إذا أعطى ١٠٠ % أوكسجين قبل نزع الآلة المنفسة فإن ارتفاع نسبة الأوكسجين في الدم وطرد ثاني أكسيد الكربون بواسطة التنفس الصناعي يؤدى إلى توقف التنفس لدى الشخص الذي لا يزال حيا. ذلك لأن أهم محرك للتنفس هو زيادة مستوى ثاني أكسيد الكربون في الدم يليه انخفاض مستوى الأكسجين في الدم. لذلك ينبغي أن توضع هذه المحاذير وهي:
١- رفع مستوى ثاني أكسيد الكربون في الدم وذلك بإعطاء المصاب ٥ % ثاني أكسيد الكربون لمدة ١٠ دقائق قبل فصل الجهاز مع إعطاء المريض ٩٥ % أوكسجين.
٢- الانتظار ١٠ دقائق كاملة حتى تعطي فرصة كاملة ليزيد مستوى ثاني أكسيد الكربون في الدم عن ٥٠ مم زئبق وفي هذه الأثناء يعطى المصاب ١٠٠ % أوكسجين بواسطة قنطرة تدخل إلى القصبة الهوائية لكن دون تنفس بواسطة المنفسة.
وإذا أخذت هذه المحاذير بعين الاعتبار فإن توقف التنفس لمدة ١٠ دقائق مع عدم أي من الأفعال المنعكسة من جذع الدماغ لدى شخص مصاب بالإغماء وتحت المنفسة ومعلوم سبب إصابته بحيث لا توجد أسباب مؤقتة مثل التسمم بالعقاقير فان ذلك يعنى موت جذع الدماغ وموت جذع الدماغ يعنى موت الدماغ بالتالي موت الجسد بكامله.
ومع هذا لا ينبغي إعلان الموت قبل إعادة الفحص ويستحسن أن يجرى الفحص فريق طبي آخر وذلك:
١- لإبعاد أي مجال للخطأ في هذه الفحوص.
٢- إثبات وجود الحالة كما كانت عليه أي عدم وجود تغيير فيها.
وينبغي أن لا يكون أحد من الأطباء الذين يجرون الفحص له علاقة بأخذ عضو أو أعضاء من المصاب لنقلها إلى مريض آخر حتى لا توجد شبه استفادة من الإعلان المبكر للوفاة.