للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحيث اقتضت الظروف في بعض الأحوال مَدِّ الإجارة بقوة القانون لا ينبغي أن يكون الامتداد بأقل من أجرة المثل، ويجب تعديل الأجرة باستمرار لتلحق بمقدار أجرة المثل في وقتها، لأن في ترك ذلك ظلما للمالك من جهتين. الأولى: نقص الأجرة المستحقة، والثانية: أن قيمة العقار تتأثر بمقدار الأجرة فلو كانت أجرة المثل مائة دينار مثلا لعقار قيمته عشرة آلاف، فإنه إن ألزم المالك بأجرة مقدارها خمسون دينارا فقط، فإن المالك لو أراد البيع لا يستطيع بيع عقاره بأكثر من خمسة آلاف أو ستة، وفي ذلك ظلم له وأي ظلم.

فلو التزم بتعديل الأجرة دائما في الأحوال الإلزامية لتصل إلى أجرة المثل تنعدم الحاجة إلى هذا النوع من بدل الخلو أو تكاد.

ومع ذلك ففي ظل الأوضاع الحالية في بعض البلاد الإسلامية التي تحد من حرية المالك على الوجه المشروح فما حكم أخذ المالك بدل الخلو لتمكين المستأجر من السكنى؟ وما حكم بذل المستأجر لذلك البدل؟ وماذا يستتبع ذلك من التصرفات؟

أما المالك: فيظهر أنه لا حرج عليه شرعا في الأخذ؛ لأن العقار خالص ماله، وله أن يتصرف فيه كما يشاء، ومن ذلك أن لا يأذن لأحد بدخوله إلا بعوض، والعوض هنا يجوز أن لا يحتسب من الأجرة، بل يكون جعلا لا غير.

وقد قال البعض: إنه لا يحل إلا إذا احتسب من الأجرة، فتكون أجرة السنة الأولى مثلا خمسة آلاف دينار, وأجرة كل سنة من السنوات اللاحقة ألف دينار لا غير، وتكون الأربعة الآلاف الزائدة في أجرة السنة الأولى هي بدل الخلو (١) .

ونحن لا نرى ذلك لازما، بل لو اعتبر جعلا لمجرد التمكين من الاستئجار، لجاز أيضا.

وكذلك دافع بدل الخلو إلى المالك يحل له الدافع ولا حرج عليه.

وأما ما يستتبعه ذلك البذل والأخذ فأمران:

١- فمن الملحوظ أن المستأجر لا يبذل ذلك الجعل، وقد يكون كبيرا، إلا ليكون له (حق القرار) بنفسه طبقا للقانون المعمول به في البلاد، فيكون ذلك ملزما شرعا، كالعرف، بل هو الأقوى.


(١) صدرت عن لجنة الفتوى الشرعية بالكويت، بتاريخ ٢٥/ ١٠/ ١٩٨٢م فتيا نصها) اتفقت اللجنة على أن الاستعاضة عن الخلو برفع القيمة الإيجارية أمر جائز ويجري على البدل كل أحكام الأجرة بحيث لو فسخ العقد يسترد المبلغ المقدم الذي يخص الفترة والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>