ثم إن كان للمستأجر عند انتهاء الإجارة في الحانوت بناء أو غيره فللمالك أن يكلفه رفعه على خلاف وتفصيل يرجع إليه في أحكام الإجارة.
والاحتمال الثاني: أن يقال: إنه كان مبنيا على قانون صادر بأمر السلطان، وكان للسلطان أن يقيد بعض التصرفات في ضمن اجتهاده في تحصيل المصلحة، ولو أخطأ كان ما ينبني عليه جائزا، ويحل للآخذ ما أخذه.
والاحتمال الأول عندي أرجح، والعمل عليه أوثق، وأما الاحتمال الثاني فإنه مبني على اجتهاد فاسد الاعتبار، لأمور:
الأول: مخالفته للنصوص الشرعية الصحيحة، من مثل: قول الله تعالى:
{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[البقرة: ١٨٨] . وقول النبي صلى الله عليه وسلم:((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه)) ومخالفته للقواعد الشرعية المتفق عليها، من مثل ((أن المالك أحق بالتصرف في ملكه)) .
الثاني: أن المصلحة العامة، على المدى الطويل، ليست في الحقيقة في ظلم المالكين لمصلحة المستأجرين، فإن ذلك يحد من الحركة العمرانية، إذ يتقاعس أصحاب الاقتدار عن إنشاء العمران الجديد، فتقل المساكن، ويعود الأمر بالضرر على المالكين وعلى المحتاجين إلى الاستئجار أيضا، كما هو مشاهد قديما وحديثا.
والثالث: أن هذا الاجتهاد في الحقيقة ليس اجتهادا، وإنما هو تقليد صرف، فهو تقليد لبعض الدول الغربية إذ اتخذت إجراءات وقتية لمواجهة بعض الأزمات اللاحقة للحروب، بتقييد حرية المالكين في التصرف، ولم يكن ذلك كنظام عام، بل كانت قوانين استثنائية، ثم بدأت كثير من تلك الدول الغربية في التخلي عن ذلك والعودة إلى نظام الإجارة الحرة التي تكفل العدالة وانتظام العمران، وبعضهم عاد إلى إجراءات معينة لعزل أثر التضخم النقدي، بتعديل الأجرة سنويا، لتبقى القوة الشرائية للأجرة ثابتة، فلا يضار المالك في الأجرة ولا في قيمة عقاره، واستمر على التمسك بنظام تثبيت الأجور، على علاته ومساوئه، أكثر الدول العربية والإسلامية فيما لا يزيد عن أن يكون تقليدا أعمى لا يبصر وجوه المصالح، ولا مداخل الفساد.