للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه العلاقة لكي تكون حقا، يجب أن تختص بشخص معين أو بفئة، إذ لا معنى للحق إلا إذا تصورنا بأن هناك ميزة مقصورة على صاحبه دون غيره. وبذلك تخرج العلاقة التي لا اختصاص فيها، وإنما هي تعتبر من قبيل الإباحات العامة كالاصطياد والاحتطاب في الصحراء.

واشترط الأستاذ الزرقاء في تعريفه كذلك إقرار الشرع لهذا الاختصاص وما ينشأ عنه من سلطة أو تكليف؛ لأن نظرة الشرع هي أساس اعتبار الحقوق.

وبين بأنه ذكر (سلطة أو تكليفا) لأن الحق تارة يتضمن سلطة وتارة تكليفا. والسلطة نوعان: سلطة على شخص كحق الولاية على النفس، وسلطة على شيء معين كحق الملكية.

والتكليف دائما عهدة على إنسان، وهو إما عهدة شخصية كقيام الأجير بعمله، وإما عهدة مالية كوفاء الدين. ثم بيَّن أن الحق بهذا المعنى لا يشمل الأعيان المملوكة، لأنها أشياء مادية وليست اختصاصا فيه سلطة أو تكليف، وقد عرض رأيه بما حكاه عن الفقهاء من أنهم يذكرون الحقوق في مقابلة الأعيان، بينما يذكره الأحناف في مقابلة الأموال. ويقولون: بأن الحق ليس بمال.

وقد انتقد تعريف الحق بأنه مصلحة، وبيَّن أنه ليس إلا اختصاص الشخص بهذه المصلحة وعلاقته بها، فليست المصلحة في الحقيقة سوى متعلق للحق، أي محل له، فالحق صلة أو علاقة اختصاصية بين الشخص والمصلحة (١) .

الاتجاه الثالث: وقد عرَّف أصحاب هذا الرأي الحق انطلاقا من معناه اللغوي.

فقد ذكر أستاذنا أبو سنة في شرح تعريفه للحق، بأن المقصود (بما) أي شيء. وهو شامل لملك العين ولملك المنفعة وللدين، وللحقوق الفكرية كحق التأليف والصناعة والاختراع، ويشمل كذلك الامتناع عن الفعل الضار، وللحقوق الفطرية أيضا، كالحياة والحرية، لا فرق بين أن يكون الثابت على وجه الاختصاص وهو المعروف بالملك أو على وجه الاشتراك كما في الإباحة العامة (٢) .


(١) انظر مؤلفه الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد ص١٤
(٢) انظر النظريات العامة في المعاملات ص٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>