للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعا: ملك الانتفاع المجرد، وله صور متعددة، منها:

(أ) ملك المستعير فإنه يملك الانتفاع لا المنفعة على رواية.

(ب) المنتفع بملك جاره من وضع خشب وممر في دار ونحوه، وإن كان بعقد صلح فهو إجارة.

(ج) إقطاع الإرفاق كمقاعد الأسواق ونحوها (١) .

وقد وردت هذه الأنواع في كتب القواعد لمذاهب أخرى مع إفراد النوع الرابع وتمييزه عن سائرها. فبعد أن ذكر السيوطي من الشافعية الأنواع الثلاثة الأولى قال: وقد يملك الانتفاع دون المنفعة، وعقب على قوله هذا، بأن ذلك إباحة لا تمليك (٢) .

وكذلك ذكر العلامة ابن نجيم الحنفي الأنواع الثلاثة، وأفاد أن المراد بالنوع الرابع عند غيرهم ما يقابل إباحة الانتفاع عندهم (٣) .

حكم الملك:

المقصود بحكم الملك هنا، هو الأثر الذي يترتب عليه، وقد سبق لنا عند كلامنا عن أقسام الحق عند فقهاء القانون أن قلنا: إن لصاحب الحق العيني الأصلي سلطة تخوله إحدى أو جميع المكنات الثلاث، التي هي: استعمال العين محل الحق، واستغلالها والتصرف بها.

وفي الواقع هذه هي عناصر حق الملكية كما سماها رجال القانون، فللمالك أن يفعل في ملكه ما يشاء ما لم يرد قيد هذا التصرف.

وهذه القدرات والمكنات المذكورة، هي التي عناها فقهاء المسلمين بقولهم: حق الملك، ومرادهم به كما ذكرنا، الأثر الذي يترتب عليه.

والنصوص الفقهية التي توضح ما يثبت للمالك من سلطات أو قدرات أو مكنات على الشيء المملوك كثيرة، وهي مبثوثة في الأبواب الفقهية هنا وهناك.

من هذه النصوص: ما جاء في حاشية ابن عابدين: (الانتفاع بالمال يعتمد في كل شيء بما يصلح له) (٤) . وفي قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام (يثبت التصرف بحصول الملك ويزول بزواله) (٥) .

ومن هنا يمكن القول بأن فقهاء الشريعة وإن لم يتعرضوا لتفصيل مكنات الحق على النحو الذي ذكره فقهاء القانون، إلا أنها مسلم بها عندهم كمظهر للملكية التامة (٦) .


(١) انظر القاعدة السادسة والثمانين ص٢٠٨
(٢) انظر الأشباه والنظائر ص٣٨١
(٣) انظر الأشباه والنظائر ص٣٥١
(٤) انظر حاشية ابن عابدين ٥٠٢/ ٤
(٥) انظر قواعد الأحكام ٦/ ٢
(٦) انظر الأستاذ الزهاوي في مؤلفه: التعسف في استعمال حق الملكية ص٦٩

<<  <  ج: ص:  >  >>