للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول محمد بن حزم الظاهري في كتابه (المحلى) : ومن كسر شيئا من ذلك –أي المزامير والمعازف والطنابير –ضمنه- لأنها مال من مال مالكها. فهو قول غير صحيح؛ لأن الشارع الحكيم قد أمر وحث على إزالة المنكر ومحاربته، حيث قال (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) .

ولا شك ولا ريب أن من أشد المنكرات وأخطرها على المجتمع تلك الآلات آلات اللهو والطرب فتغبيرها واجب عظيم وإزالتها أمر لازم.

وإن تعليله بأنها (مال مالكها) فمردود لأنها ملعونة وقد وصفها (صلى الله عليه وسلم) بأنها صوت أحمق وفاجر. والفاجر الملعون لا يجوز اقتناؤه، كما لا يثبت الملك فيه لأحد فهي مثل الخمر في قبحها وعدم جواز اقتنائها. وفي عدم ثبوت ملكيتها لأحد. بل يجب إتلافها حيثما وجدت، وإراقتها كما أراقها النبي (صلى الله عليه وسلم) وأمر أصحابه.. وكذلك تلك الآلات، فيجب إتلافها ولا يجوز تركها مع القدرة على إتلافها لأنها منكر يجب إزالته.

وفي حديث أبي أمامة أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ((بعثت رحمة وهدى للعالمين وبمحق الأوثان والمعازف وأمر الجاهلية)) رواه أحمد والطيالسي وابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان والحميدي في مسنده.

وأما استدلاله على تحليل بيع آلات اللهو بقوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (١) . مع قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (٢) فغير مسلم به لأن عموم الآيتين مخصوص بما ثبت تحريمه في الكتاب والسنة. وآلات الملاهي قد ثبت تحريمها بهما كما سبق. فتكون مخصصة من عموم الآيتين كما لا يخفي.


(١) البقرة: الآية (٢٩)
(٢) البقرة: الآية (٢٧٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>