للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلوم أن المجتمعات الإسلامية متشاركة في وصمة التخلف الاقتصادي لا من جراء نقص في الموارد الطبيعية، ولا في المدخرات المالية، ولا حتى في الكفاءات البشرية، وإنما يعزى هذا التخلف إلى نقص فادح في توظيف هذه الامكانات المتاحة، وإلى سوء استغلال للموارد، ولا حاجة للتذكير بما هو معلوم بالأرقام المضبوطة وبالبيانات الضافية في هذا الشأن، وقد تصنفت فيه التآلف العديدة ولا تزال تصدر عن دور التأليف والنشر بمختلف الحواضر الإسلامية، العديد من التصانيف القيمة، نذكر منها على سبيل المثال منشورات مركز دراسات الوحدة العربية الذي تزيد عناوينه اليوم على مائة وعشرون، من وضع نخبة من خير المفكرين العرب، كما نذكر أيضا التقارير القيمة الصادرة عن مشروع المستقبلات العربية البديلة والتي تناولت فيما تناولت محور الصحوة الدينية الإسلامية وآفاق تطورها في تعاملها مع الأنظمة الحاكمة ومع المجتمعات الإسلامية.

ولعل أكبر السمات المشتركة بين دول العالم الإسلامي في الميدان الاقتصادي هي سمة التبعية. تبعية مركبة مصنفة بين ميادين تمويل الاستثمارات وفداحة درجات المديونية المحملة على عاتق الشعوب الإسلامية، وأخطر هذه التبعات هي التبعية الغذائية التي تهم معظم الدول الإسلامية وتجعل أمنها الغذائي واستقرارها السياسي حكرا بأيدي مجموعة من القوى الأجنبية، تتصرف بما تشاء وحينما تشاء في مستقبلات هذه الشعوب، وقد تزيد نسبة هذه التبعة على نصف الاحتياجات الضرورية من الغذاء في بعض الحالات، وأن من الدول الإسلامية من تنفق اليوم أكثر من ٦٠ % من مواردها بالعملة الصعبة لتوريد الحاجيات الغذائية الأساسية لشعبها.

ومن البدهيات المقررة اليوم في أدبيات التنمية أن الأمن الغذائي هو حجر الزاوية في الأمن العام وأنه الشرط الواجب المؤسس للسيادة الوطنية، الضامن لاستقرار الأنظمة السياسية.

كذلك الشأن بالقياس إلى التبعية التكنولوجية فهي اليوم من أثقل أنواع التبعيات الجاثمة بوزرها على نهضة الأمة الإسلامية في شتى الميادين المصرفية والاقتصادية والاجتماعية تجعل زمام أمورها بأيدي الشركات الكبرى متعددة الأجناس، وتعوقها عن المبادرة في تصريف شؤونها، وأن في ضعف درجات التصنيع بعامة الأوطان الإسلامية وتدني مساهمة الصناعة في الناتج الإجمالي الوطني إلى أقل من العشر، وضعف القيمة المضافة في حصيلة الإنتاج لمؤشرات كبرى على هذه التبعية التكنولوجية التي غدت من أهم السمات المشتركة بين شعوب المجتمع الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>