للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد دعا أعلام الجامعة الإسلامية إلى سلفية دينية تعتمد المنابع النقية للإسلام ولكنها لا تتضارب مع عقلانية إسلامية تستخدم العقل وبراهينه في فهم الدين ووعي مقاصده. كما دعوا إلى تجدد ذاتي في مواجهة المعاصرة ومجابهة التحديات وإلى النظر في الحضارة الغربية (من موقع مستقل ومتميز) لمعرفة أسباب تفوق الخصم وللاستعانة بذلك في الصراع معه.

هذا المنهج القويم هو الذي ظل معتمدا في بناء التضامن الإسلامي بعيدا عن الخلافات السياسية وتجاوزا للخصوصيات القطرية واجتنابا لمنازعات السيادة، وهو منهج نراه ضامنا لإقامة صرح الوحدة الإسلامية على صعيدين اثنين:

صعيد المصالح المرسلة فيما يهم شؤون الاقتصاد، والإعلام والمالية والتكنولوجيا، والدفاع عن حرمة الأوطان والتعاون الخارجي، وسائر ميادين الحياة المدنية التي تقتضي المصلحة أن ننطق في معالجتها من منظور مشترك وأن نقوم في حلها على التعاون المستمر بين شعوبنا ودولنا، وأن نستفيد من الأجهزة والتنظيمات المشتركة التي هدانا الله إلى إنشائها لتكون منابر للتشاور وإطارا لاستنباط الخطط الاستراتيجية وتحديد الإجراءات العملية في خدمة الأهداف المرسومة.

أما الصعيد الثاني وهو صعيد المراجع الحضارية المشتركة فنستطيع أن نمضي فيه بحزم إلى أبعد من المشاريع الدنيوية وإلى أعمق وأنفس من المنجزات المادية أو الظرفية.

أود أن أقتبس من تصانيف الدكتور محمد عابد الجابري وخاصة من كتاباته الأخيرة عن (تكوين الفكر العربي) معني التأسي الفكري، يرى الجابري أن الفكر يتأسس فيما يرومه من مقاصد تأسيسا سلبيا بمنطق الضدية والمقاومة، مثلما تأسست مشاريعنا الوحدوية في الماضي القريب بديار المغرب العربي مثلا تأسيسا ضديا لمقاومة الاستعمار، ومثلما تأسس مشروع الجامعة الإسلامية ضد أنواع الاستعمارات الغربية بالمشرق.. ثم إذا ما زالت دواعي الضدية بزوال الاستعمار وحصول الدول على استقلالها أصبح الفكر الوحدوي بحاجة إلى تجديد في التأسيس، يطلب له أسسا أخرى، غير الأسس السلبية التي قام عليها في فترات الكفاح. تلك هي الظاهرة الإيجابية التي نطمع أن يتأسس عليها مفهوم الوحدة الإسلامية في مضمونها الحضاري، فليست الوحدة سلاحا ضد قوة معارضة،

<<  <  ج: ص:  >  >>