للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا كانت وظيفة الدعاة ورجال المفكرين لوحدة الأمة الإسلامية خطيرة جدا ومسؤولياتهم كبيرة، ولهذا وجب على الأمة الإسلامية أن تتوافر عناصر الواقعية والإيجابية والاتزان في أساليب الدعوة، ويقول الله تعالى في آخر سورة النحل آمرا نبيه الكريم بالتزام الحكمة في دعوة الناس قال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} . (١) وفي سوره آل عمران يشير القرآن الكريم إلى فوائد الرفق واللين في كسب الأنصار والمؤيدين وانطلاق الدعوة ويقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} . (٢) .صدق الله العظيم.

فإن منهج مجالات الوحدة الإسلامية وهو مفهوم في الفكر الإسلامي، وأما الفكر فهو الجهود العقلية المبذولة في محاولة فهم الإسلام من مصدريه: الكتاب والسنة فالعلماء المسلمون في كل عصر يقبلون على القرآن الكريم، وعلى السنة المطهرة ويأخذون منهما ما يفهمون، لأن مجال التفكير في الكتاب والسنة فهم إسلامي فبه يصيب المفكر والمجالات في وحدة الإسلامية حيث لا ينتسب إلى الإسلام الذي أنزله اللطيف الخبير.

فإذا أردنا أن نتعرف على صحة الفكر والمجالات في الوحدة الإسلامية واستقامتها عرضناها على كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) فإذا وافق الفكر ما جاء فيهما كان فكرا إسلاميا أصيلا، وهل يستطيع المفكر المسلم أن يعي حقائق العبادة دون أن يدرك حقائق العقيدة؟ وهل يستطيع أن يتفهم حقائق المعاملات دون أن يدرك العقيدة والعبادة ودورهما في السلوك الإنساني؟ فإذا كان ما في الكتاب والسنة موجها إلى الإنسان وإذا كان هذا الإنسان كلا متكاملا فإنه لا يستطيع أن يفصل عقله عن قلبه ولا قلبه عن جوارحه ولا موضوعات الكتاب والسنة بعضها عن بعض، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فمعرفة المعبود جل جلاله وما يتعلق بذلك ومعرفة كيفية الصلاة والعبادة التي تنظم الشعائر وشؤون الحياة من أخلاق ومعاملات ونظم سياسية واجتماعية واقتصادية جاء مفصلا في الكتاب والسنة، فالعامل على غير ما يريد يفسد أكثر مما يصلح، وفي الحكم من سلك طريقا بغير دليل ضل، ومن تمسك بغير أصل ذل، وروي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ((الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها)) . وقوله عليه الصلاة والسلام ((خذوا الحكمة من أي وعاء خرج)) .


(١) النحل: (١٢٥)
(٢) آل عمران: (١٥٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>