أما التأمين التجاري أو التأمين ذو القسط الثابت: فهو غير جائز شرعا، وهو رأى أكثر الفقهاء في العصر الحاضر، وهو ما قرره المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي في مكة المكرمة عام ١٣٩٦هـ/١٩٧٦م، والسبب في عدم الجواز يكاد ينحصر في أمرين: هما الغرر والربا.
أما الربا: فلا يستطيع أحد إنكاره، لأن عوض التأمين ناشيء عن مصدر مشبوه قطعا، لأن كل شركات التأمين تستثمر أموالها في الربا، وقد تعطي المستأمن (المؤمن له) في التأمين على الحياة جزءا من الفائدة، والربا حرام قطعا في الإسلام.
والقائلون بجواز عقد التأمين يرفضون صراحة استثمار شركات التأمين في معاملات ربوية، ولا يقرون للمستأمن أن يقبض شيئا من الفوائد التي تدفعها شركة التأمين.
والربا واضح بين العاقدين: المؤمن والمستأمن، لأنه لا تعادل ولا مساواة بين أقساط التأمين وعوض التأمين، فما تدفعه الشركة قد يكون أقل أو أكثر، أو مساويا للاقساط، وهذا نادر. والدفع متأخر في المستقبل، فإن كان التعويض أكثر من الأقساط، كان فيه ربا فضل وربا نسيئة، وإن كان مساويا ففيه ربا نسيئة، وكلاهما حرام.
فإن قيل: أن التأمين التعاقدى قائم على أساس التعاون لجبر الضرر، وترميم الأضرار والمصائب، فلا يكون فيه ربا أو شبهة ربا، أجيب: بأن المستأمن يستهدف أحيانا المراباة، ويبقى الربا قائما في عوض التأمين، لأنه حصيلة الفوائد والمعاملات الربوية.
أما الغرر: فواضح في التأمين، لأنه من عقود الغرر: وهي العقود الاحتمالية المترددة بين وجود المعقود عليه وعدمه، وقد ثبت في السنة حديث صحيح، رواه الثقات عن جمع من الصحابة:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر "(١) .
(١) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه