الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالحق مفصلا، فيه آيات بينات ونور وهدى وذكر للعالمين.
والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد بن عبد الله إمام الهدى ورسول السلام الذي بلغ الناس ما أنزل عليه من ربه من بصائر وحكمة، ومنهاج ورحمة، فثبت في قلوبهم التقوى، وألزمهم بشرائع الله سبحانه في كل الأقوال والأفعال والتصرفات والأعمال.
وبعد: فقد وعى مجمع الفقه الإسلامي الدولي مسئولياته منذ تأسيسه، وأدرك ما يواجه أمتنا الإسلامية من تحديات العصر، وما تعانيه من مشكلات، جاهد لإيجاد الحلول الشرعية لها، والبدائل متغلبا بذلك على الغزو الفكر، وما أحدثه من بلبلة في المجتمعات الإسلامية.
وانطلاقا من هذا الوعي، وإدراكا لاتساع الفكر الإسلام وقدرته على استيعاب مشكلات كل العصور، اعتمد مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنهج العلمي أساسا لدراسة قضايا الحياة المعاصرة، ولم يتوان في معالجتها، وبذل الوسع لاستنباط الأحكام فيها من أصول شريعتنا، وهو إلى جانب هذا منفتح على العصر، ملتزم بالتقصي والاستقراء، غايته الوصول بقراراته وتوصياته إلى الأحكام الشرعية الصحيحة، وتوفير القاعدة السليمة للحياة الإسلامية المطلوبة في جميع أنحاء الدنيا بين المسلمين عامة، وبينهم وبين غيرهم وفقا لأصول الأحكام الإسلامية، ومبادئ الدين السامية، وطبقا لما تقتضيه مصالح الناس وذلك في إطار تحقيق المقاصد الشرعية.
وتلك سنة المجمع التي جرى عليها من يوم شروعه في عمله وفقا لرغبة قادة الأمة الإسلامية الساهرين على حمايتها، وعلى التطور بها تطورا صالحا بناء يعيد لها عزتها، وينمي قدراتها، ويحفظ قوتها وأمنها.
وقد وجدنا لتيسير ذلك من دولة المقر، ومن عماد نهضتها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - أعزه الله ونصره - كل دعم ورعاية يسابقان خطواتنا إلى إنارة المسلمين بتعاليم دينهم، وأحكام شريعتهم.