للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعقد التأمين على الحياة أيضا عقد فاسد شرعا لأنه كما ذكرت عن مقامرة وربا ومخاطرة لأن تعاملها على مجهول فالمؤمن يدفع المبلغ المتفق عليه بعد موت المؤمن له لورثته والمؤمن له يكون له ما دفعه من الأرباح الربوية أن أدى جميع الأقساط وإن مات قبل أن يوفيها تدفع الشركة المبلغ المؤمن عليه لورثته. فالأمر الأول مخاطرة وقمار وربا، والأمر الثاني مخاطرة وقمار.

فعقد التأمين بنوعيه: التأمين المالي التجاري والتأمين على الحياة من العقود الاحتمالية لا يستطيع فيه كل من المتعاقدين أو أحدهما وقت إبرام عقد التأمين معرفة مدى ما يأخذ أو ما يعطي ولا يعرف إلا في المستقبل نتيجة لأمر غير محقق الحصول أصلا ولا يعرف وقت حصوله أن حصل.

فعقد التأمين عقد غرر والمصادفة تلعب دورها في التزام كل من المؤمن والمؤمن له لجهالة وقوع الخطر وتاريخه فكلا الطرفين معرض للربح والخسارة على أساس احتمالي وعلى غير نسبة معقولة فهو عقد غرر. وهذا الغرر كثير وفاحش والغرر الكثير يكون مفسدا للعقد.

على أن عقد التأمين كثيرا ما يؤدي إلي النزاع لأن الغالب عندما تحصل الحادثة فإن المؤمن يتهم المؤمن له عن أسبابها وافتعالها لكي يحصل على المبلغ المؤمن له ومن الحوادث التي أدت إلي النزاع ما ذكرته جريدة الجمهورية القاهرية في عددها الصادر يوم الأحد ٢٤ من يناير ١٩٦٠ من أن البوليس الأمريكي قبض على الدكتور روبرت سيرص ٦٥ سنة وكان الاعتقاد السائد أنه قتل منذ شهرين في حادث طائرة. كان الطبيب قد حجر لنفسه مكانا في هذه الطائرة ولكنه أقنع في آخر لحظة صديقا له بالسفر بدلا منه.

واختفى وسقطت الطائرة وقتل ركابها جميعا وعددهم ٤٢ وتبين أنه كان قد أمن على حياته بمبلغ ٣٧٧٠٠ دولار لصالح أولاده قبل سقوط الطائرة بعشرة أسابيع اتهمه البوليس بنسف الطائرة للحصول على التأمين. كيف رأيت أن عقد التأمين يؤدي إلي ارتكاب الجرائم في بعض الأحيان وأي ضرر أشد على المجتمع من هذه الضرر وسد الذرائع مقدم على جلب المصالح، على أن النزاع مستمر بين شركات التأمين والمؤمن له ومن أراد أن يتأكد من آثار هذا العقد الفاسد في النزاعات والخلاف فليطلع على سجلات المحاكم في كل مكان.

لذلك كان عقد التأمين عقدا فاسدا بنوعيه والمال المأخوذ مال حرام لا يجوز أخذه شرعا. والله أسال أن يهدينا سبيل الرشاد ويوفقنا لمرضاته إنه سميع الدعاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>