إنه لا يمكن بناء المجتمع الإسلامي الحق إلا على أساس راسخ من فهم مبادئ عقيدتنا السمحة وتطبيقها على حاجتنا المعاصرة، وتكييف حياتنا أفرادا وجماعات وفقا لتعاليم ديننا الحنيف، ومما يثلج الصدر أن دولنا الإسلامية أضحت تدرك إدراكا متزايدا أن جهودها الرامية إلى إقامة نظم سياسية واقتصادية واجتماعية جديرة بالثقة يجب أن تستند إلى الأسس الراسخة للشريعة الإسلامية، وإنني لعلى يقين من أن مجمع الفقه الإسلامي لن يضن على الدول الإسلامية بما يتوفر عليه من معلومات وأفكار وحلول.
ومن الأهمية بمكان أن نطرد من أذهان شبابنا أية أفكار مفروضة أو مفهومات خاطئة يمكن أن تنسب إلى الإسلام وإلى التاريخ والحضارة الإسلاميين، كما أن علينا أن نحصن الأمة الإسلامية تحصينا كافيا لمواجهة المذاهب والمؤثرات الغربية عنا، وأن نساعد الدول الإسلامية على وضع نظمها التعليمية والتربوية وفقا لتعاليم ديننا الحنيف وحاجاتنا القائمة.
أصحاب السماحة والمعالي.
الإخوة الأعزاء ...
إن أعداء الإسلام يحاولون على الدوام زرع بذور الشقاق بين صفوفنا، وهناك محاولات دائبة جارية في الوقت الحاضر عمادها السفسطة والتزييف، وهدفها تشويه الفكر الإسلامي، ومن ذلك كتاب يتهجم على المقدسات الإسلامية ألفه المدعو سلمان رشدي بعنوان "قصائد شيطانية". كما أن هناك كتابا آخر نشرته بعثات تبشيرية في قبرص عنوانه "سيرة المسيح بلسان عربي فصيح" حاول مؤلفوه بدافع الحقد الدفين أن ينشروه في شكل القرآن الكريم قصد تشويش أفكار الناس وتضليلهم، وقد حثت الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدول الأعضاء على اتخاذ التدبيرات العاجلة لمصادرة بل تدمير مثل هذه الكتب المنطوية على الافتراء والقذف، ولمنع الناشرين من تولي نشر مثل هذه الكتب.
والجهل بالإسلام وبتعاليمه الخالدة غالبا ما يؤدي وبخاصة في البلدان الغربية إلى مفهومات خاطئة عن جوانب معينة في المجتمعات الإسلامية، ولذا فإن على مجمع الفقه الإسلامي أن يعمل على إقناع الأكاديميين والمفكرين وأهل الرأي في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية بأوجه الإسلام المختلفة، وبخاصة تلك الأوجه التي غالبا ما يساء فهمها وتكون عرضة للنقد، ولا بد كذلك من إصدار دوريات منتظمة لهذا الغرض توزع على نطاق واسع بلغات شتى.