للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هـ- الرضاعة:

تعتبر الرضاعة من الوسائل الفسيولوجية لمنع الحمل.. وهي طريقة موغلة في القدم، وقد وجد أن افراز البرولاكتين Prolactin من الغدة النخامية Pitfond وخاصة إذا كانت المرأة تعاني من نقص في التغذية يؤدي إلى منع إفراز البويضة.. وهذه الطريقة قد هيأها الله تعالى للمرأة في الأزمنة الغابرة والحاضرة لمنع الحمل أثناء الرضاع بصورة فسيولوجية.. إلا أن هذه الطريقة نسبة الفشل فيها عالية. ولذا فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن وطء المرضع وسماه وطء الغيلة وأنه يدرك الفارس قيد عثرة، وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده قوله صلى الله عليه وسلم ((لا تقتلوا أولادكم سرا فإن الغيل يدرك الفارس قيد عثرة من فوق فرسه)) (١) .

ثم أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم وطء المرضع عندما رأي أنه لا يضر أمتين قويتين آنذاك هما الفرس والروم وكانوا يفعلونه – عن أسامة بن زيد أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إني أعزل عن امرأتي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تفعل ذلك؟ فقال الرجل أشفق على ولدها فقال الرسول: لو كان ضارا لضر فارس والروم)) أخرجه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده (٢) .

وقد أزال العلماء التعارض الظاهر بين الحديثين ومن أحسن ما كتب ما قاله ابن القيم في زاد المعاد ثم في مفتاح دار السعادة (٣) . فقد أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم أن وطء المرضع يضعف المولود حتى إن ذلك الضعف قد يدركه وهو على فرسه قيد عثرة فأرشدهم إلى تركه ولم ينه عنه نهيا قاطعا. ولما رأى أن الإمساك عن وطء النساء مدة الرضاع ولا سيما من الشباب وأرباب الشهوة التي لا يكسرها إلا مواقعة نسائهم يؤدي إلى مفسدة أعظم.. رأى صلى الله عليه وسلم أن دفع المفسدة الأعظم أهم من دفع المفسدة الأصغر.. وقد رأى أن الغيل (وطء المرضع) لا يضر أمتين قويتين هما فارس والروم فعندئذ أرشد إلى مواقعة المرضع.


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٦/٤٥٣، ٤٥٨ وأبو داود في كتاب الطب باب الغيل ٤/١٣ وابن ماجة في السنن كتاب النكاح باب الغيل ٦٤٨١
(٢) صحيح مسلم كتاب النكاح باب جواز الغيلة ومسند أحمد ٥/٢٠٣
(٣) زاد المعاد ٤/١٨ ومفتاح دار السعادة ٢/٢٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>