للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أباح أصحاب المذاهب الأربعة العزل عن الأمة برضاها وبدون رضاها كما أباحوا العزل عن الزوجة الحرة برضاها لأن لها حقا في الولد. ولكن جاء في مذهب الأحناف: "إن خاف فساد الولد لسوء الزمان فله أن يعزل بغير رضاها، وكذلك إذا كانت الزوجة سيئة الخلق ويريد فراقها مخافة أن تحبل" (١) وأما المالكية والحنابلة فقالوا: لا يجوز له أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها لأن لها حقا في الولد (٢) ، وقال ابن قدامة: ظاهر كلام أحمد وجوب الاستئذان من الزوجة ويحتمل أن يكون مستحبا لأن حقها في الوطء دون الإنزال.

وأما الشافعية فأباحوا العزل عن الزوجة على قولين أحدهما "أنه يجب إذنها والقول الآخر أنه لا يجب إذنها لأن لها حقا في الوطء فقط" (٣) .

وأما الظاهرية فقال ابن حزم (أبو محمد) : "لا يحل العزل عن حرة ولا عن أمة" (٤) .

ومما تقدم يتضح أن المذاهب الأربعة على إباحة العزل على ما ذكرنا من نياته الباعثة له كما ذكرها الإمام الغزالي في الإحياء مع اشتراط موافقة الزوجة ورضاها عند أغلب الفقهاء لأن لها حقا في الولد ولحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن العزل عن الحرة إلا بإذنها)) رواه أحمد.

فلا مسوغ إذن لمنع هذه الرخصة والتشدد فيها كما فعل بعض العلماء المحدثين مثل الإمام أبو الأعلى المودودي في كتابه حركة تحديد النسل، والباحثة أم كلثوم يحيى مصطفى الخطيب في رسالتها التي نالت بها الماجستير من كلية الشريعة جامعة الأزهر "قضية تحديد النسل في الشريعة الإسلامية". حيث حددوها فقط بوجود سبب طبي قوي وحيث رفضوا البواعث الأخرى التي ذكرها العلماء وأقروها.

الدكتور محمد علي البار


(١) حاشية ابن عابدين ٢/٥٢١
(٢) المنتقى شرح الموطأ للباجي ٤/١٢٨ وكتاب قضية تحديد النسل لأم كلثوم يحيى مصطفى الخطيب.. والحلال والحرام في الإسلام للشيخ يوسف القرضاوي والمغني لابن قدامة
(٣) المجموع شرح المهذب للنووي ١٥/٥٧٧
(٤) المحلى لابن حزم ١٠/٨٧

<<  <  ج: ص:  >  >>