للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباعث السادس: الخوف من إنجاب البنات خوفا من العار:

لقد كان من العادات السيئة في الجاهلية كراهة إنجاب البنات، ووأدهن قال تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٥٩) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الآيات ٥٧- ٦٠ من سورة النحل] .

قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [٨، ٩ من سورة التكوير] .

ولكن الإسلام حرم ذلك، ومنع أن يكون النظر للبنت بهذه الكيفية، وجعلها صنو الولد، وجعل تربيتها وإحسان تثقيفها، وتعليمها موجبا لدخول الجنة.

قال تعالى {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} الآيتان [٤٩، ٥٠] من شورى الشورى، وأوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء فقال ((استوصوا بالنساء خيرا)) الحديث.

وروي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من كن له ثلاث بنات يؤويهن، ويرحمهن، ويكلفهن، وجبت له الجنة البتة قيل. يا رسول الله فإن كانتا اثنتين؟ قال: وإن كانتا اثنتين قال: فرأى بعض القوم أن لو قال واحدة لقال واحدة)) رواه أحمد بإسناد جيد والبزار والطبراني في الأوسط.

وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من كن له ثلاث بنات، فصبر على لأوائهن (١) وضرائهن، (٢) وسرائهن، أدخله الله الجنة برحمته إياهن فقال رجل: واثنتان يا رسول الله؟ قال واثنتان قال رجل: يا رسول الله: وواحدة؟ قال وواحدة)) رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد.

الباعث السابع: تأفف المرأة وتضجرها من الوطء، ومبالغتها في النظافة وتحرزها من الطلق والنفاس والرضاع.

لقد أوجد الله الإنسان لحكمة، وخلقه على نهج قويم، وجعل منه الزوجين الذكر والأنثى، وخص كلا منهما بخصائص تناسب تكوينه، واستعداداته الفطرية وجعل لكل منهما مهام تناسب هذه الخصائص، وكلفه بتكاليف تتفق وما منحه وأعطاه وجعلت الشريعة الإسلامية خروج أي منهما عن خصائصه ونزوعه إلى الجنس الآخر أمرا معاقبا عليه شرعا، فلعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء.

فإذا كانت المرأة تمتنع عن الحمل تأففا وتضجرا وتحرزا من الطلق والنفاس والرضاع فهو تأفف فاسد، وقصد غير مستقيم، يتنافى مع طبيعة ما خلقت له من ناحية، وما تحملته بمقتضى عقد الزواج من ناحية أخرى، وما خطه الشرع ورسمه لمسيرتها من ناحية ثالثة.

لذلك كله نقول إن هذا القصد قصد فاسد.

هذا ما أردت معالجته وإبرازه في هذا البحث "تنظيم النسل أو تحديده" راجيا الله تعالى أن يجنبنا الزلل والخطأ.

{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} .

أ. د حسن علي الشاذلي


(١) مشقاتهن، وفي النهاية اللأواء الشدة، وضيق المعيشة
(٢) أحزانهن وأتراحهن

<<  <  ج: ص:  >  >>