للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الأول

عقد التأمين بين الفقه الإسلامي والفقه الغربي

(التصور)

مدخل:

أولا: تصور الموضوع وتحرير محل الخلاف فيه.

ثانيا: أقاويل الفقهاء الإسلاميين في عقد التأمين ونقل خلافهم فيه.

مدخل

الأمن في اللغة

المادة الثلاثية (أم ن) هي مادة واحدة، وإن تعددت صور الاشتقاق؛ فالأمن: ضد الخوف ونقيضه في التنزيل {وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ} قرآن كريم.

والأمانة؛ ضد الخيانة.

والإيمان ضد الكفر، وهو بمعنى التصديق: ضد التكذيب.

وأمن فلان يأمن أمنا وأمنا وأمانا فهو أمن والأمنة الأمن، ومنه {أَمَنَةً نُعَاسًا} ؛ وتقول (اوتمن فلان) صار مؤتمنا، و (استؤمن إليه) وظل في أمانة، و (استأمنني فلان فأمنته أومنه إيمانا) أي طلب الأمان. وفي الحديث ((المؤذن مؤتمن)) . ومؤتمن القوم الذي يثقونه ويتخذونه أمينا حافظا) ، والأمين هو الحافظ الحارس الذي يتولى رقابة شيء وقالوا: (أعطيت فلانا من أمن مالي) ، أي من خالص مالي.

وقالوا: ما أمن أمنتك وإمنك: أي دينك وخلقك.

وفي التنزيل {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} أي الآمن والمراد مكة المكرمة.

وقوله {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} أي في أمن من الغير.

وقوله {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} وفي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن المسلم والمجاهد والحاج، ثم سأله عن المؤمن فقال عليه السلام: ((المؤمن من ائتمنه الناس على أموالهم وأنفسهم)) .

وفي الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن من أمنه الناس والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هاجر السوء. والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه)) .

وفي حديث جابر مرفوعا ((ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع)) .

قال ثعلب: أن معنى الحديث: ما آمن شديد الإيمان ... وذلك مخافة أن يحمل القول على نفي الإيمان نفيا تاما عنه.

وقال ابن الأثير عند الكلام عن اسم الله تعالى (المؤمن) : هو الذي يصدق عباده وعده؛ فهو من الإيمان والتصديق، أو يؤمنه في القيامة من عذابه فهو من الأمان ضد الخوف.

قلت؛ وفي هذا من الربط بين الإيمان وبين التراحم بين الناس ما يرق فوق كل شيء، فالأمن والائتمان والاستئمان وكل صور الاشتقاق راجعة كما ترى إلي الإيمان.

- لسان العرب ج١٣ ص ٢١ وما بعدها.

- النهاية في غريب الحديث لابن الأثير الجزرى.

- مفردات القرآن لراغب الأصفهاني.

- تاج العروس شرح القاموس؛ للزبيدى.

<<  <  ج: ص:  >  >>