للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التنظيم والتنسيق بمعنى واحد، يقال: خرز نسق بمعنى منظم. والنسق أيضًا ما جاء من الكلام على نظام واحد.

والإنظام معناه الاتساق (١) .

أما التحديد فله معنى آخر، فحد الشيء منتهاه، والحد بمعنى المنع. ومنه قيل للبواب حداداً وللسجان أيضا، لأنه يمنع عن الخروج، أو لأنه يعالج الحديد من القيود (٢) .

ولا يختلف المعنى الاصطلاحي كثيرًا عن المعنى اللغوي للفظتي التنظيم والتحديد، إذ مقصودنا من هاتين اللفظتين في هذا البحث، هو ترتيب النسل وتنسيقه أو منعه بصورة مؤقتة.

الفرق بين تنظيم النسل ومنعه:

هناك فرق كبير بين تنظيم النسل المقصود بالبحث هنا، وبين منعه بصورة دائمة وذلك بإجراء بعض العمليات الجراحية، وبعض الطرق العلمية التي تحقق هذا الغرض، ومنع الإنجاب نهائيًا يتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية من الزواج الذي من أهم أغراضه ومقاصده التناسل كما ظهر لنا ذلك من النصوص المتقدمة.

ثم إن قواعد الشريعة تدل على منع ذلك الأمر وتحريمه من غير ضرورة، فإن في الحرمان من النسل نهائيًا مضرة ظاهرة يأباها الشارع وتدخل فيما نهى عنه بقوله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " وواضح وجه المضرة في الحرمان من النسل، فإن الشريعة الإسلامية وما تعارفه الناس في أمر النكاح، يقتضي أن يكون هناك تناسل لعمارة الأرض وبقاء الإنسان، كما أنه هو الذي يتفق مع الطبيعة الإنسانية التي أوجدها الله في كل من الذكر والأنثى من حب الأبوة والأمومة، وأن يشعر كل منهما بتحقق هذا الوصف كما تحقق في أصله الذي يرى في حياته إمتدادًا لحياة أصله وتخليدًا له، وفي هذا الأمر تغيير لخلق الله في الإنسان، وتحويل له عن طبيعته، ومقتضى فطرته التناسلية، والدين يأبى ذلك، لأنه جاء مسايرًا للناس في نظرهم السليم، وداعيًا إلى مصالحهم، ومحرمًا لكل ما يترتب عليه ضرر في أشخاصهم ومجتمعاتهم (٣) .


(١) انظر مادة نسق ونظم في مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر الرازي
(٢) انظر مادة حدد في المصدر السابق أيضًا
(٣) الجنين والأحكام المتعلقة به في الفقه الإسلامي للأستاذ محمد سلام مدكور ص٣١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>