للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطوار الجنين في الرحم:

لقد تناول القرآن الكريم أطوار الجنين في رحم أمه من وقت التلقيح الذي هو أصل التكوين الجنيني حتى مرحلة نفخ الروح فيه وتكوين العظام وإكسائها باللحم ثم جعله إنسانًا كامل الخلقة، وكل هذه الأطوار يتناولها قول الله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (١) يتعرض القرطبي في تفسيره للأطوار الثلاثة التي يمر بها الجنين منذ بدء تكوينه ويفسر كل طور من هذه الأطوار، ومن المفيد أن ننقل ما قاله رحمه الله بهذا الخصوص.

النطفة: " وهي المني، سمي نطفة لقلته، وهو القليل من الماء وقد يقع على الكثير منه ".

العلقة: وهو الدم الجامد، والعلق الدم العبيط، أي الطري، وقيل الشديد الحمرة.

المضغة: وهي لحمة قليلة قدر ما يمضغ ومنه الحديث ألا وإن في الجسد مضغة" (٢)

والأطوار المذكورة عدتها أربعة أشهر وحكي عن ابن عباس قوله: وفي العشر بعد الأشهر الأربعة ينفخ فيه الروح فذلك عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر. (٣) ، وجاء الحديث الشريف مؤكدًا الأطوار المارة الذكر التي ذكرها القرآن الكريم، ففي الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.. " (٤)

ومما مضى تأكد بأن نفخ الروح في الجنين يكون بعد مائة وعشرين يوما، وذلك محل اتفاق بين جميع العلماء، وعليه يعول فيما يحتاج إليه من الأحكام في الاستلحاق عند التنازع وفي وجوب النفقات على حمل المطلقات وذلك لتيقنه بحركة الجنين في الجوف (٥)


(١) سورة المؤمنون الآيات [١٢، ١٣،١٤]
(٢) انظر الجامع لأحكام القرآن ٦/١٢وكذا روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للعلامة الآلوسي ١٤/١٨
(٣) انظر القرطبي في تفسيره السابق
(٤) المصدر السباق
(٥) المصدر السابق

<<  <  ج: ص:  >  >>