للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرق تحديد النسل:

إن هناك حضارات كانت على ضفاف النيل، وهناك الإغريق وقدماء اليونان من تلك الأمم التي لم يصل إلينا من حضارتهم وأساليب عيشهم وأحوالهم الاجتماعية إلا النزر اليسير الذي لا يعطي حكما يقينيا على طرقهم في ذلك، فمع عظمة ما خلد من آثارهم التي توحي بوجود علم واسع وحضارة عريقة، فإن معرفة تلك الطرق لا تعنينا في بحثنا هذا وإنما تعني رجال الآثار وعلماء التاريخ.

أما وجوده عند الأمة البدائية وهي العرب في جاهليتها فهو العزل حال الجماع، وذلك بإخراج العضو التناسلي ليريق ماءه خارج الفرج.

فهذا الذي قال بعض الصحابة عنه: كنا نعزل والقرآن ينزل.

وللعرب طرق في تقليل النسل وذلك بقتل الأولاد عامة من ذكر وأنثى كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم بقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} (١) وكذلك يئدون البنات، والوأد هو دفنها حية حتى تموت، ولذا قال تعالى {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (٢) وقال تعالى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (٣)

فكان الوأد عند بعض القبائل العربية وليس عند جميعهم، بل بلغت الرأفة والرحمة ببعضهم أنه كان يفتديها ويشتريها من أهلها فيربيها أحسن تربية، كما قال الفرزدق التميمي يفخر بقومه:

ومنا الذي أحيا الوئيدة غالب

وعمرو ومنا حاجب والأقارع

ولقساتهم في الوأد طريقان:

قال في – بلوغ الأرب- للشيخ محمود شكري الألوسي: كيفية الوأد أن الرجل من العرب كان إذا ولدت له بنت فأراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية.

وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية فيقول لأمها: طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها وقد حفر لها بئرا في الصحراء فيبلغ بها البئر فيقول لها: انظري فيها ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تستوي البئر مع الأرض.

الطريق الثاني: ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: كانت الحامل إذا قربت ولادتها حفرت حفرة فمخضت على رأس تلك الحفرة إذا ولدت بنتا رمت بها في الحفرة وإذا ولدت ولدا حبسته.


(١) الإسراء: [٣١]
(٢) التكوير: [٨، ٩]
(٣) النحل: [٥٨، ٥٩]

<<  <  ج: ص:  >  >>