للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا: نهى الإسلام عن التبتل والانقطاع عن النساء والذرية؛ لأنه طريق عقيم ومسلك وخيم لا يقبله إلا قليلو الإدراك وسطحيو النظر ممن يرون الدين رهبنة وطقوسا جوفاء ويظنون العبادة هي التقشف والبعد عن ملاذ الحياة الطيبة ونعيمها المباح، قال تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (١)

وجاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أنا أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، من رغب عن سنتي فليس مني ".

فالحياة الزوجية وطلب الأولاد مما حبب إليه الإسلام وحث عليه قال تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} (٢) فالحرث من زرع الذرية وحصول الأولاد الذي هو أهم مطالب النكاح.

رابعا: جعل الله تعالى حصول الذرية منة منه على خلقه ونعمة أنعم بها عليهم فقد قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} (٣) وقال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} (٤) وقال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (٥)

وقد جعل الله تعالى حصول الولد بشارة كبيرة ونعمة عظيمة فقال تعالى على لسان خليله إبراهيم: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (٦) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} (٧) وذكر شعيب قومه بنعمة الله عليهم فقال الله عنه: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} (٨) .

والنصوص التي جعلت من التناسل والتكاثر نعمة أنعم بها الله على خلقه كثيرة جدا، فحصول الولد نعمة من الله على الإنسان حتى بعد موته؛ ولذا جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث. . . " من الثلاث " ولد صالح يدعو له".


(١) الأعراف [٣٢]
(٢) البقرة [٢٢٣]
(٣) النحل [٧٢]
(٤) آل عمران [١٤]
(٥) الكهف [٤٦]
(٦) الصافات [١٠٠، ١٠١]
(٧) النساء [١]
(٨) الأعراف [٨٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>