وكم من الملايين في عصرنا ولدوا من سفاح، والعجيب أن يعارض من ينسب نفسه للدين مساعدة المحتاجين، والذين أخذوا بنظرية مالتس شجعوا الإجهاض، وتعقيم الرجال والنساء.
٢- الإسلام يدعو إلى النكاح، وهذا مسلم به واضح بَيِّنٌ، ومقصد النكاح الأول هو النسل، ولذلك جاء في أكثر من رواية: " تزوجوا الودود الولود ... " ومنع النسل ضد الفطرة، والإسلام دين الفطرة.
فإذا ذكرت أحاديث شريفة تبيح العزل، فيجب أن نبحث عن بقية الأحاديث المتصلة بالموضوع، وعلى الأخص إذا وجد ما يعارض أحاديث الإباحة، ثم نسلك بعد هذا المنهج العلمي في النظر في الأحاديث مجتمعة.
فمن الأحاديث الصحيحة الصريحة في المنع ما رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام مسلم في صحيحه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل فقال:
ذلك الوأد الخفي {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} .
ومن حديث المنع، ومنهج الإسلام، يتبين أن الإباحة برخصة فردية على خلاف الأصل، ولا تكون هذه الرخصة عامة على نطاق دولة من الدول.
٣- ذكرت بعض الفتاوى المعاصرة الفردية، وأرى أن من أهم ما صدر – إن لم يكن أهمها على الإطلاق – قرار المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية سنة ١٣٨٥ هـ (١٩٦٥ م) والذي صدر بإجماع العلماء الذين كانوا مندوبين عن خمسة وثلاثين دولة إسلامية، ومن بعده قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، التابع لرابطة العالم الإسلامي، في دورته الثالثة سنة ١٤٠٠ هـ وصدر أيضًا بإجماع الحاضرين.
وأذكر هنا نص كل من القرارين:-
أولًا: قرار مجمع البحوث الإسلامية:
١- إن الإسلام رغب في زيادة النسل وتكثيره لأن كثرة النسل تقوي الأمة الإسلامية اجتماعيا واقتصاديًا وحربيًا وتزيدها عزة ومنعة.
٢- إذا كانت هناك ضرورة شخصية تحتم تنظيم النسل فللزوجين أن يتصرفا طبقًا لما تقتضيه الضرورة، وتقديره هذه الضرورة متروك لضمير الفرد ودينه.
٣- لا يصح شرعًا وضع قوانين تجبر الناس على تحديد النسل بأي وجه من الوجوه.
٤- وأن الإجهاض بقصد تحديد النسل، أو استعمال الوسائل التي تؤدي إلى العقم لهذا الغرض، أمر لا تجوز ممارسته شرعًا للزوجين أو لغيرهما.
ويوصي المؤتمر بتوعية المواطنين وتقديم المعونة لهم في كل ما سبق تقريره بصدد تنظيم النسل.