للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استطاع ابن القيم (١) . أن يجمع بين الحديثين بأن النهي عن ضعف المولود أقل خطرا من الإمساك عن وطء النساء مدة الرضاع، ولا سيما الشباب وأصحاب الشهوة، لذلك رأى رسول الله أن دفع المفسدة الأعظم أهم من درء المفسدة الأصغر ولهذا أباح وطء المرضعة بعد أن نهى عنه.

وقد تعرض الفقهاء في القديم إلى عدة وسائل أخرى غير العزل كانت تستعملها النساء فقد قال الونشريسي (٢) . في المعيار: وقد أجازوا أيضا أن تجعل المرأة وقاية في رحمها تمنع من وصول الماء للوالدة.

وذكر ابن عابدين في حاشيته (٣) . أنه كما جاز للرجل أن يعزل بإذن زوجته فلها أن تسد فم رحمها كما تفعله النساء في ذلك الزمان، وبذلك نعلم أن الوقاية من الحمل عند المسلمين لم تكن خاصة في الماضى بالرجل، بل كانت من جانبي الرجل والمرأة على السواء، وإذا كان من المقرر أن الرجل لا يعزل إلا بإذن زوجته قالوا فقياسا على هذا: إن المرأة لا تعزل إلا بإذن زوجها.

ونقل الرملي في نهاية المحتاج (٤) . عن الزركشي: هذا كله في استعمال الدواء بعد الإنزال فأما استعمال ما يمنع الحمل قبل إنزال المني حالة الجماع مثلا فلا مانع منه.

وموضوع وسائل منع الحمل طرقه عدد كبير من الأطباء المسلمين القدامى في بحوثهم حول الوسائل المختلفة في تنظيم الولادات ونجد هذا في قانون ابن سينا وإرشاد ابن الجامي وفي الذخيرة في الطب لإسماعيل الجرجاني وفي التذكرة لداود الأنطاكي، فكل هؤلاء تكلموا عن منع الحمل خوفا على صحة المرأة عند ضعفها خشية من الحمل المتتابع.


(١) زاد المعاد ج ٤ ص ١٨
(٢) المعيار ج ٤ ص ١٦٤
(٣) الجزء الثاني ص ٣٨٠
(٤) ج ٨ ص ٤١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>