للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجة القائلين بكراهة العزل

من العلماء من يقول بكراهة العزل إذا لم يكن هناك موجب يقتضيه، احتجوا بما ورد من إنكار النبى صلى الله عليه وسلم للعزل في نصوص كثيرة من السنة حيث لم يرد شيء في القرآن يبين حكم الله في العزل.

ومما وقع الاحتجاج به ما ورد في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أصبنا سبيا فكنا نعزل وسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أو إنكم لتفعلون - أو إنكم لتفعلون - ما من نسمة كانت إلى يوم القيامة إلا وهى كائنة)) (١) . ففهموا أن هذا الحديث سيق بصيغة الإنكار فيكون العزل غير مشروع ولا مباح.

وقد ورد هذا الحديث بعدة صيغ وفي لفظ لمسلم (٢) . من طريق ابن محيريز قال: دخلت أنا وأبو صرمة على أبي سعيد الخدري فسأله أبو صرمة فقال: يا أبا سعيد، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر العزل؟ فقال: نعم. غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بني المصطلق فسبينا كرائم العرب فطالت علينا العزبة ورغبنا في الفداء فأردنا أن نستمتع ونعزل، فقلنا: نفعل ورسول الله بين أظهرنا لا نسأله؟ فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((لا عليكم أن لا تفعلوا، ما كتب الله خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون)) وفي لفظ لمسلم ((فإن الله كتب من هو خالق إلى يوم القيامة)) وفي لفظ: ((فقال لنا: وإنكم لتفعلون. وإنكم لتفعلون. وإنكم لتفعلون، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة)) وفي لفظ له قال: ((لا عليكم ألا تفعلوا فإنما هو القدر)) .

وفسر العلماء هذا على أنه حث على عدم العزل حتى قال الحسن بأن قوله: " لا عليكم أن تفعلوا " تشبه الزجر، وقال ابن سيرين: هذا خبر إلى النهي أقرب.

ومنها حديث جذامة بنت وهب الأسدية قالت: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس وهو يقول: ((لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر ذلك أولادهم شيئا، ثم سألوه عن العزل، فقال رسول الله: " ذلك الوأد الخفي ")) رواه مسلم (٣) . ويشير الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا إلى قوله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} (٤) .


(١) صحيح البخاري شرح ابن حجر ج ٩ ص ٣٠٥
(٢) النووي على مسلم. الجزء العاشر ص ١٥
(٣) النووي على مسلم. الجزء العاشر ص ١٥
(٤) سورة التكوير الآية ٨، ٩

<<  <  ج: ص:  >  >>