للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهم الدواعي إلى تنظيم الأسرة

١ - أن يكون مرض من الأمراض المعدية عند الزوجين أو عند أحدهما، ولو نشأت ذرية عنهما والمرض موجود لا ينتقل المرض إلى الذرية فتشقى به حياتها.

٢ - أن يكون عند المرأة مع ضعفها استعداد قوي ظاهر للحمل عقب انتهائها من آثار الحمل السابق.

٣ - الخوف على صحة الزوجة وسلامتها من الحمل المتتابع؛ لأنها مريضة وسيزيد مرضها بحملها أو سيتأخر شفاؤها أو سيحدث المرض بسبب الحمل.

٤ - الضعف الاقتصادي عند الزوج حيث لا يكون لديه اقتدار مادي يجعله صالحًا للنهوض بتبعات الذرية (١) .

ومن المعلوم بداهة أن إيقاف الحمل بسبب مرض الزوجة والخوف على سلامتها هو محل وفاق لا مجال للنزاع فيه عقلًا ونقلًا، أما عقلًا فلأن من المسلم به أنه إذا تضرر الأصل بالفرع وجب تقديم مصلحة الأصل على فرعه، وعند الأصوليين إذا عاد الفرع على الأصل بالإبطال فالفرع يكون باطلًا (٢) .

وأما إيقاف الحمل بسبب الفقر وضعف الاقتصاد فمختلف فيه، والإمام الغزالي يجيز ذلك بقوله: الثالثة (يعني من البواعث على منع الحمل بالعزل) الخوف من الحرج بسبب كثرة الأولاد والاحتراز من الحاجة إلى التعب في الكسب ودخول مداخل السوء، وهذا أيضًا غير منهي عنه، فإن قلة الحرج معين على الدين نعم الكمال والفضل في التوكل والثقة بضمان الله حيث قال: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} هود [٦] ولا جرم فيه سقوط عن ذروة الكمال وترك الأفضل، ولكن النظر إلى العواقب وحفظ المال وادخاره مع كونه مُنَافٍ للتوكل، لا نقول إنه منهي عنه (٣) . وقال الإمام محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق: أما تحديد النسل بمعنى تنظيمه بالنسبة للسيدات اللاتي يسرع اليهن الحمل، وبالنسبة لذوات الأمراض المنتقلة، وبالنسبة للأفراد القلائل الذين تضعف أعصابهم عن مواجهة المسئوليات الكثيرة، ولا يجدون من حكومتهم أو من الموسرين من أمتهم ما يقويهم على احتمال هذه المسئوليات.

إن تنظيم النسل بشيء من هذا وهو تنظيم فردي، لا يتعدى مجاله شأن علاجي تدفع به أضرارًا محققة ويكون به النسل القوي الصالح، والتنظيم بهذا المعنى لا ينافي الطبيعة ولا يأباه الوعي القومي ولا تمنعه الشريعة إن لم تكن تطلبه وتحث عليه (٤) .

الشيخ محمد عبد الرحمن


(١) الإسلام وتنظيم الأسرة لأعمال المؤتمر الإسلامي المنعقد في الرباط جـ ٢ ص ٩
(٢) الإسلام وتنظيم الأسرة لأعمال المؤتمر الإسلامي المنعقد في الرباط
(٣) إحياء علوم الدين ج ٢ ص: ٥٣
(٤) كتاب الفتاوى للشيخ شلتوت - ص ٢٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>