للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١ - ولا مبرر للقول والاعتقاد بأن عمليات تزايد عدد البشر تجري بدون أي تخطيط من رب العالمين، ولا يجوز القول إن الخالق الرب قد ترك الحبل على الغارب فيتزايد البشر والخلائق بطريقة عشوائية وغير مخططة - فإن من المعترف به علميًّا أن قطرة من النطفة البشرية تحتوى على عدد لا يحصى من الحيوانات المنوية والقابلة لتلقيح البويضة النسائية وبالتالي صالحة لاستقرار الحمل، وكذلك عدد البويضات المفروزة في الدفعة الواحدة مما لا يحصى. وعلى كل هذه الإمكانيات الهائلة كم هو الرقم القياسي للإنجاب في العالم وعلى مدى العصور الماضية؟ هل يقارن ذلك العدد بتلك الإمكانية الهائلة؟ وهذه الحقيقة العلمية تدل على أن عمليات الخلق والموت تجري وتستمر تحت خطة إلهية راسخة، وأية محاولة للتدخل في تنفيذ هذه الخطة المقدسة سوف تسفر عن نتائج وخيمة، وبالفعل قد برزت للظهور سلبيات برامج تحديد النسل في البلدان الراقية والرائدة في هذا المجال، فإن مستوى الأخلاق في تلك الأقطار قد انهار كل انهيار وزادت أحداث الاغتصاب والشذوذ الجنسي بشكل رهيب - وبدأت هذه البلدان تعاني من عجز الكوادر الفنية والأيدي العاملة والعقول المدبرة الوطنية - وزادت نسبة الكهول من الشبان.

وهذه السلبيات تسببت بكثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية مما يهدد هوية بعض هذه البلدان، وتنبه مسئولو هذه البلدان لهذا الخطر العظيم وبدءوا في اتخاذ إجراءات لتشجيع الشبان على الزواج وإنجاب عدد أكبر ممكن من الأولاد، {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} .

١٢ - وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن دول العالم المتقدمة وغير الإسلامية قد تنبهت لأخطار تحديد النسل - وتجرى في تلك الدول محاولات شاطرة ومدروسة لزيادة العدد السكاني وتصدر من مراكزها الدينية كل يوم وليلة فتاوى تندد بعمليات تحديد النسل وتمنع متبعيها من اتخاذ خطوات لمنع الحمل وتشجعهم على زيادة أبناء المسيح عن طريق التوالد والتبشير، وفي الوقت نفسه تصرف هذه الدول موارد مالية ضخمة وقوى عاملة كبيرة لتشجيع سكان الدول الإسلامية في آسيا وأفريقيا على تحديد النسل والتقليل من تزايد عدد السكان المسلمين.

وهذا إلى جانب حملة تبشيرية قوية التي يقوم بها العالم المسيحي في الدول الإسلامية ونظرا إلى هذه الظروف لا يستبعد أن تكون مؤامرة تكمن وراء هذه الحملات والعمليات لتحديد النسل من أجل القضاء على الأمة الإسلامية وثقافتها وكيانها الديني والسياسي.

وينبغي أن يظهر أن الأعذار الشخصية المبيحة للعزل وما يقوم مقامه غير مؤثرة في توكل العبد على الله تعالى بإيصاله الرزق إليهم لا جليًّا ولا خفيًّا فهي المرض في الزوجين أو في أحدهما الذي يخاف به نقصان الصحة وسرايته في الولد واستبقاء الحياة بالتحرز عن المخاض وحسنها وسمانتها أو الخوف من الإفضاء إلى كسب حرام أو الخوف من الولد السوء لفساد الزمان ومانحا نحوها وكأن يكون في سفر بعيد أو في دار الحرب فخاف على الولد فعلى العبد أن لا يقع خلل في إيمانه برازقه تعالى عند اختياره شيئًا من تلك الأعمال المرخصة.

هذا ما عندي والعلم عند الله تعالى

الشريف محمد عبد القادر

<<  <  ج: ص:  >  >>