للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتخذ عدد من الأعضاء اتجاها حول هذا الموضوع يتلخص في أن الأحكام تتغير بتغير المصلحة وأن الاجتهاد ضروري مع اعتبار المصلحة، وأن الدين فيه عملية تجديد في التشريع كما جرى في المؤلفة قلوبهم حينما حرمهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حقهم في الزكاة بعد أن قويت شوكة الإسلام، وأجمل الفكرة بصورة عامة السيد محمد ظفار بقوله: (أنا مقتنع بأن الإسلام يعارض النظام الاجتماعي الذي لا يتغير) .

التطور والتجديد:

الموضوع كله يتعلق بفكرة التجديد في المجتمع، وهي فكرة دارت حولها تفسيرات وتعريفات متعددة، فيما يتعلق بالإسلام. والرأي الذي أبداه الدكتور مدكور عن وجوب مراعاة تغير الأحوال عند وضع الأحكام تعارض مع رأي آخر للشيخ مصطفى أحمد الزرقاء الذي تساءل عن موقف الإسلام من هذا التطور في جميع اتجاهاته وصوره وألوانه قائلًا: (فهل يجاري الإسلام حياة البشر وتطورها فيتطور معها ويتغير كي لا ينفصل عن ركبها) ؟. ثم عرض رأيه في معنى التطور وقال: إن التطور قد يكون إلى الأحسن وقد يكون إلى الأسوأ، وإن التطور فيما يتعلق بالإسلام لا يعني تطوير الدين نفسه وإنما يعني موقف الإسلام من تطور الحياة البشرية في أوضاعها وعاداتها وتقاليدها وقيمها الاجتماعية وسلوكها في بناء الأسر وما إلى ذلك، ولكن التطور أو التغير قد يعتري الفكر الإسلامي أي فهم الناس للإسلام دون تحريف أو تشويه عن جهل أو سوء قصد بإدخال المفاهيم والقيم غير الإسلامية على الفكر الإسلامي، وأشار بصورة خاصة إلى أن (الإسلام قد أتى بأحكام ومقررات أساسية ثابتة في النواحي ذات القيم الثابتة التي لا يتصور أن يعتريها تطور في الحياة العادية الطبيعية تنعكس فيه قيمها) ، ولكن الإسلام فتح باب المعذرة والترخيص اعتمادًا على القاعدة الفقهية (الضرورات تبيح المحظورات) ، بالقدر الذي يندفع به الاضطرار، ولذلك (جاءت نصوص الشريعة في القرآن والسنة النبوية كاشفة عن قضاياها الثابتة القيم، وكانت هذه النصوص صالحة بذلك لكل زمان ومكان بالنسبة للغايات المطلوبة دون الوسائل المتطورة التي تركها الشارع لتتطور بحسب الحاجة) . وأورد الشيخ مصطفى الزرقاء أمثلة على القواعد الإسلامية الثابتة في المجتمع والسياسة التي هي أساسية لا تتبدل وإن تبدلت الوسائل المستعملة لذلك، وقال: إن النصوص الأصيلة غطت جميع الحاجة عن طريق الاجتهاد والاستنباط وتحكيم قاعدة المصالح المرسلة وقاعدة سد الذرائع في كل شأن سكتت عنه النصوص.

<<  <  ج: ص:  >  >>