للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعا: مراعاة صحة الزوجة والأولاد:

إن الأحاديث الداعية إلى العناية الكاملة بالصحة عموما وبصحة الزوجة والأولاد

خصوصا لا تكاد تحصى، وهدفها الواضح هو بناء الأسرة المسلمة سليمة قوية.

ونكتفي بذكر حديث واحد لأهميته، إذ يقرر بوضوح في نظرنا شرعية مبدأ

المباعدة بين الولادات إن لم نقل: يحث عليه ويستحبه.

هذا الحديث هو حديث الغيل وهو الاتصال بالزوجة المرضعة لتحمل من جديد قبل

أن يستكمل الرضيع الأول الفترة الشرعية المحددة، (١) وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم غيلا؛ لما يترتب عليه من حمل يفسد اللبن ويضعف الولد،

وإنما سماه غيلا لأنه جناية خفية على الرضيع فأشبه القتل سرا (٢)

ولفظ الحديث هو: ((لا تقتلوا أولادكم سرا فإن الغيل يدرك الفارس قيد عثرة))

رواه أبو داود، و: ((لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ثم رأيت فارس والروم يصنعون ولا يضر أولادهم شيئا)) رواه مسلم.

ويستخلص ابن القيم أن المقصود من الحديث الإرشاد والاحتياط للولد، وأن لا يعرضه لفساد اللبن بالحمل الطارئ عليه كما يستخلص الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي، بعد تحليل هذا الحديث ما يلي:

(وقد استحدث في عصرنا من الوسائل التي تمنع الحمل ما يحقق المصلحة التي هدف إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حماية الرضيع من الضرر مع تجنب المفسدة الأخرى وهي الامتناع عن النساء مدة الرضاع وما في ذلك من مشقة وعلى ذلك نستطيع أن نقرر أن المدة المثلى في نظر الإسلام بين كل وليدين هي ثلاثون أو ثلاثة وثلاثون شهرا، لمن أراد أن يتم الرضاعة) و (٢٤ شهرا + ٩ أشهر = ٣٣ شهرا) (٣)


(١) انظر زاد المعاد / ج ٤ ص١٨، الطبعة الثانية (١٩٥٠)
(٢) (د. يوسف القرضاوي ـ الحلال والحرام ص (١٦٥)
(٣) راجع د / يوسف القرضاوي ـ الحلال والحرام ص١٦٦ الطبعة ١١ (١٩٧٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>