للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل العلامة الزبيدي:

وقال العلامة " الزبيدي" في شرح القاموس في مادة " وعد ": " اختلف في حكم الوفاء بالوعد: هل هو واجب أو سنة؟ أقوال.

قال شيخنا: وأكثر العلماء على وجوب الوفاء بالوعد، وتحريم الخلف فيه، وكانت العرب تستعيبه وتستقبحه، وقالوا: إخلاف الوعد من أخلاق الوغد. وقيل: الوفاء سنة، والإخلاف مكروه، واستشكله بعض العلماء.

وقال القاضي أبو بكر بن العربي بعد سرد كلام: وخلف الوعد كذب ونفاق وإن قل فهو معصية.

(وقد ألف الحافظ السخاوي في ذلك رسالة مستقلة سماها " التماس السعد في الوفاء بالوعد" جمع فيها فأوعى) (١) اهـ كلام الزبيدي.

وإذا كان وجوب الوعد والأمر بإنجازه، قال به مثل عبد الله بن عمر (الذي زوج ابنته لمن صدر منه شبه وعد له، حتى لا يلقى الله بثلث النفاق!) ومثل سمرة بن جندب من الصحابة، ومثل عمر بن عبد العزيز من التابعين، وهو معدود من الخلفاء الراشدين المهديين الذين يعض على سنتهم بالنواجذ، والحسن البصري الإمام المشهور، ومن بعدهم: ابن الأشوع الذي اعتد البخاري بذكره في صحيحه، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن معين: مشهور يعرفه الناس، كما في عمدة القاري (٢) .. وابن شبرمة الفقيه الثقة العابد، وإسحاق بن راهويه شيخ البخاري، وأحد أئمة الحديث والفقه، وأمير المؤمنين في الحديث: محمد بن إسماعيل البخاري، كما يبدو من ترجمته للباب وعدم ذكره الرأي الآخر.... بالإضافة إلى ما نقلناه عن العلامة ابن القيم، وما هو معروف من مذهب الإمام مالك وبعض أصحابه، وخصوصا فيما كان له سبب ودخل الموعود من أجله في نفقة وكلفة.. فليس القائل به إذن قليلا، كما قال الحافظ رحمه الله، بل لعل الصحيح ما نقله الزبيدي عن شيخه: إن أكثر العلماء على وجوب الوفاء بالوعد، وتحريم الخلف فيه.

وبهذا نرى أن نسبة القول بالإلزام بالوعد إلى بعض المالكية أو إلى ابن شبرمة فقط، فيه تقصير كبير في الاستقصاء.


(١) تاج العروس، شرح القاموس: مادة " وعد "
(٢) عمدة القاري للعيني جـ١٣، ص ٢٥٨

<<  <  ج: ص:  >  >>