للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول: تعريف الوعد لغة واصطلاحًا:

أ- تعريفه في اللغة: إن كلمة الوعد مصدر وعد يعد – بالكسر – وعدا وعدة، وموعودًا وموعدًا وموعدةً، ولها صيغ أخرى: كأوعد إيعادًا، وواعد مواعدة. واتعد اتعادًا، وتوعد توعدا.. وهذا من حيث الاشتقاق، أما من حيث المعنى اللغوي: فلم أر – فيما اطلعت فيه من كتب اللغة – من تعرض إلى تحديد المعنى الأصلي للفظة الوعد- إن لم تخن الذاكرة -، لكنهم قالوا (وعد الفحل – أي هدر.. ووعدت الأرض – أي رجي خيرها) ، ولعل هذا المعنى هو المعنى الأصلي لكلمة الوعد. ولكنهم تكلموا عن المعاني المختلفة كثيرا.

قال ابن سيده: يقال: وعده الأمر، وبه عدة ووعدا وموعدا وموعودا وموعدة. وهو من المصادر التي جاءت على مفعول ومفعلة ومفعولة، وقد تواعد القوم واتعدوا، وواعدوا الوقت والموضع. وواعده فوعده، وأوعده وتوعد.

وقال الفراء: يقال: وعدته خيرا ووعدته شرًا بإسقاط الألف – أي سأنيله إياه- وقال: فإذا أسقطوا الخير والشر، وقالوا في الخير: وعدته، وفي الشر: أوعدته، ويقال في الخير الوعد والعدة، وفي الشرر: الإيعاد والوعيد.

وفي الصحاح: تواعد القوم: أي وعد بعضهم بعضا هذا في الخير وأما في الشر: فيقال: اتعدوا.

وخلاصة القول: إن الوعد يتعدى بنفسه إلى المفعول الثاني، وبالباء واللام أيضا. وأنه يستعمل في الخير والشر كما في مختار الصحاح وغيره. إذ هو شائع فيهما- كما هو الواضح وذكره البيضاوي في تفسيره وورد ذكرهما في القرآن الكريم بكثرة {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة ٢٦٨] {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحج ٧٢] .

وأن الوعد يستعمل في الخير أكثر من الشر، كما في التفسير الوسيط وأن الوعد والعدة يستعملان في الخير، والإيعاد والوعيد في الشر فالمصدر هو الفارق لذا قال ابن النفيس في الياقوت " صرح أئمة اللغة: بأن الوعد يستعمل في الخير والشر مقيدا.. وأما عند الإطلاق: فيستعمل الوعد في الخير والإيعاد في الشر ".

وإن صيغ الوعد اللغوية أكثرها واردة في الكتاب والسنة.

فمنها: المواعدة التي في قوله تعالى {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [البقرة: ٥١]

وقوله تعالى {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة ٢٣٥] .

ومنها: التوعد الوارد في قوله تعالى: {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأعراف: ٨٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>