وقد اشَتهر عند المتأخرين تسامح مذهب الإمام أبي حنيفة في مسايرة التطّور في العقود المستحدثة، من أجل أن أصحابه نشروا عنه ذلك وهو صحيح. غير أن مذهب الإمام أحمد يمتاز عليه في كثير من المسائل التى تقتضيها الحاجة وتوجبها المصلحة، من ذلك أن نصوص الإمام أحمد وأصوله تدل على أن الأصل في العقود والشروط الصحة إلا ما دل الدليل على التحريم خلاف ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة من أن الأصل في العقود والشروط الحظر إلا ما دل على الإباحة وهو قول الظاهرية. وهو مذهب الشافعى.
ومنها عقد المساقاة على النخل والشجر بالثلث أو النصف أو بشيء مما يخرج منها أو من غيرها أو بالنقود.
فقد أنكرها الإمام أبو حنيفة والإمام الشافعى وقالا: إنها بيع ما لم يخلق وأنها من الإجارة المجهولة وتفضى إلى الغرر.
أما الإمام أحمد فقد أجازها عملًا بحديث خيبر وكما أن الضرورة والحاجة وعموم المصلحة تقتضى ذلك وعليه العمل في هذا الزمان.
ومنها شركة المفاوضة، وهى أن يفّوض كل واحد منهما إلى شريكه التصرف في ماله مع حضور صاحبه وغيبته، فقد قال الإمام الشافعى لا يجوز. واتفق الإمام أحمد ومالك وأبو حنيفة على جوازها.
ومنها شركة الأبدان، فقد قال الإمام الشافعى بمنعها، واشترط الإمام مالك لصحتها اتحاد الصنعة بين الشريكين.
أمام الإمام أحمد، فقد أجازها مع اختلاف الصنعة واتفاقها، كما أجاز الاشتراك على الدابة له نصف وللدابة النصف الثانى.
ومنها شركة الوجوه. فقد قال الإمام مالك والشافعى ببطلانها لكون الاشتراك الصحيح يتعلق على المال وعلى العمل وكلاهما معدومان في هذه المشاركة مع ما فيه من الغرر، لأن كل واحد منهما عاوض صاحبه بكسب غير محدود لا بصناعة ولا بعمل مخصوص. هذا حجة من قال بمنعها كمالك والشافعى.