للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإسلام يحث المسلم على المعاملة الأدبية التي قاعدتها الالتزامات الأدبية مثل الوفاء بالوعد والصدق في القول وغير ذلك من الصفات الحميدة، فإذا وعد الإنسان أخاه المسلم أو غير المسلم كان عليه حقًا الوفاء بوعده عملًا بقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء (٣٤) ] ، وقد جاء في وصايا الحكماء والأدباء أمثلة مختلفة تحريضًا على الوفاء بالوعد وحفظ الأمانة مثله قولهم: " وعد الحر دين عليه "، وأن الوعد كورق الشجر والوفاء به كالثمرة، وكن يا أيها المسلم بطيء الوعد سريع الوفاء، إن الوفاء بالوعد دين توجب عليك الشهامة والمروءه أداءه، ولهذا ينبغي أن يفكر الإنسان قبل أن يعد فإذا ما وعد تحتم عليه أن ينجز وعده مهما كانت الموانع والعقبات، وقال الشاعر:

إذا قلت في شيء نعم فأتمه

فإن نعم دين على الحر واجب

وإلا فقل (لا) تسترح وترح بها

لئلا يقول الناس إنك كاذب

إن الإسلام يعتبر أرباب الأعمال والعمال إخوة متحابين متعاونين، والإسلام يأمر أن يؤدي المسلم أعماله على الوجه المطلوب، وأن لا يقصر في تأدية حقوق العامل، ويدفع له أجره كاملًا في وقته المحدود، وعلى القدر والمبلغ الذي اتفقا عليه، حتى تكون العلاقة طيبة بين العمال وأرباب الأعمال فتسودها المحبة والأخوة لا روح الاستغلال والكراهية والاستهاننة التي تخلق الشحناء وتولد البغضاء بين طبقات الأمة كما هو مشاهد اليوم مما تنشأ عنه المفاسد التي تكون عواقبها وخيمة على الجميع، وفي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم: ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)) . ويقول الله تعالى في الحديث القدسي: ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، وإن الموت والشهادة في سبيل الله هما أرفع درجة الأعمال عند الله وإن الله تعالى لا يكفرن إثم الخيانة ولا يدخلن صاحبه في الجنة إلا برحمته تعالى وهو أرحم الراحمين)) .

فالأمة العربية الإسلامية أولى الناس للوفاء بالوعد وحفظ الأمانة لأن المسلمين قد ورثوا ذلك من الأنبياء والمرسلين، وقد جاء الدين الإسلامي والقرآن الكريم بلغة العرب وبواسطة النبي العربي القرشي الهاشمي، والإسلام دين الله الذي أرسله الله إلى كافة الناس أجمعين، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء (١٠٧) ] ، وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: (٤٥) ] ، وقال أيضًا: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران (١٩) ] ، وقال: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران (٨٥) ] .

فإن الإيمان بالله ورسوله والملائكة والكتب وجميع الرسل عليهم الصلاة والسلام واليوم الآخر والقدر خيره وشره أمانة على كل مسلم ومسلمة، وإن خمس الصلوات المفروضة والتوحيد والزكاة والحج وصوم رمضان أمانة ومن لم يؤد هذه الأمانات على الوجه الأكمل فهو ناقص الإيمان، وكذلك الوضوء والغسل من الجنابة ثم الوزن والكيل " وما خفي من الشرائع" أمانة وأشد في ذلك الودائع.

<<  <  ج: ص:  >  >>