للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور محمد سليمان الأشقر:

بسم الله الرحمن الرحيم:

أنا أود أن أنبه إلى ما حصل من كثرة البحث في الموضوع ومن أسباب كثرة هذا البحث وبذل الجهود الكثيرة التي هي أكثر من اللزوم في الحقيقة، إن الإخوة في المجامع التي طرحت هذا الموضوع انتقلوا من قضية الإلزام المسبق إلى قضية الوعد، ثم ذهبوا إلى الأدلة في الوعد، وأقوال العلماء فيه والأدلة الواردة والكتب المؤلفة فيه، القضية ليست في تصوري هذا وأنا أول من طرح هذه المسألة في رسالة لي نشرت وعرضت على المجمع على ندوة البنوك الإسلامية في بيت التمويل الكويتي سنة ٨٤ م، وكان الموضوع الذي طرح على أساس معين، وهو أنه إن كان هناك إلزام سابق ببيع لاحق بطل البيع اللاحق، وليست المسألة مسالة وعد نسميه وعدا أو ما نسميه، هذا شيء آخر خارج عن الموضوع إن كان هناك كلام سابق غير ملزم في المرابحة اللاحقة أو الوعد اللاحق، صحيح وإن كان هناك إلزام سابق ففي تصوري البيع اللاحق غير سليم لأنه ما صدر عن إرادة سليمة إنما تحت خطر الحكم القضائي بالسجن أو بالغرامة أو بغير ذلك، كما قال كثير من الإخوة في أبحاثهم بالنسبة للخطبة، خطبة النكاح لو كانت وعدا ملزما أو كان فيها إلزام يكون النكاح اللاحق غير واقع بإرادة حرة، فلا يكون صحيحا، فكذلك نقول في هذا إنه إذا كان هناك التزام سابق ببيع لاحق فهذا في نظر الشرع الأسلامي لا يجوز سواء سميتم الأول وعدا أو غير وعد. ليس النظر في كونه وعدا، النظر في أنه هل يجوز الالتزام السابق بوعد لاحق؟ أنا أقول في تصوري وقلت هذا في رسالتي إن قلنا بأن المواعدة السابقة هي إلزام، هذا يقتضي مباشرة وبدون أن يتوقف على أمر آخر بطلان العقد اللاحق لأن هذا يكون من باب بيعتين في بيعة، لو قلنا بجواز إلزام سابق بوعد لاحق فتنفتح هي للربا على مصارعها وحينئذ لا حاجة للكلام في المواعيد والكلام في إلزاميتها والكلام في بيع المرابحة على الطريقة التي جرى فيها البحث، لأنك كما قال الحنفية مثلا، يجوز أن تبيع وأن تقرض إنسانا ألف دينار وبدل أن تطلب فائدتها مثلا مائة دينار للسنة تقول له اشتر مني هذا قلم الرصاص الذي لا يساوي خمسين فلسا اشتراه مني بمائة دينار التي هي فائدة الألف دينار، أبيعك أو أقرضك الألف دينار، هذا عقد معه عقد آخر ببيع قلم رصاص بمائة دينار تكون هي الفائدة، إذا أجزتم الإلزام السابق بوعد لاحق فحيل الربا مفتوحة أمامكم على مصارعها.

الإمام الشافعي رضي الله عنه وكذلك أقوال المذاهب الأخرى كلها تدل على أنه لا يجوز البيع اللاحق بناء على إلزام سابق وقد نص.

<<  <  ج: ص:  >  >>