وَهلَ جماعة من الباحثين في أبحاثهم فحسبوها من نوازل العصر وقضاياه، فصار الوقوع في أنواع من الغلط والوهم، سيأتي التنبيه عليها بعد إن شاء الله تعالى، في هذا المبحث.
والحال أن هذا الفرع الفقهي بصوره مدون عند الفقهاء المتقدمين في مباحث الحيل، والبيوع، فهو عند: محمد بن الحسن الشيباني في كتاب (الحيل) ص/٧٩، ص/١٢٧، ومالك في (الموطأ) ومعه (المنتقى) للباجي ٥/٣٨-٣٩، والشافعي في (الأم) ٣/٣٩، وابن القيم في (إعلام الموقعين) ٤/٣٩. وغيرها كثير.
وهذه نصوصهم فيها:
١- الحنفية:
ففي كتاب (الحيل) لمحمد بن الحسن الشيباني قال:
(قلت: أرأيت رجلا أمر رجلا أن يشتري دارا بألف درهم، وأخبره أنه إن فعل اشتراها الآمر بألف درهم ومائة درهم، فأراد المأمور شراء الدار، ثم خاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يأخذها، فتبقى في يد المأمور، كيف الحيلة في ذلك؟
قال: يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار فيها ثلاثة أيام، ويقبضها، ويجيء الآمر ويبدأ فيقول: قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة درهم. فيقول المأمور: هي لك بذلك، فيكون ذلك للآمر لازما، ويكون استيجابا من المأمور للمشتري: أي ولا يقل المأمور مبتدئا: بعتك إياها بألف ومائة؛ لأن خياره يسقط بذلك فيفقد حقه في إعادة البيت إلى بائعه، وإن لم يرغب الآمر في شرائها تمكن المأمور من ردها بشرط الخيار، فيدفع عنه الضرر بذلك) اهـ.
ففي الموطأ للإمام رحمه الله تعالى في: باب بيعتين في بيعة:
(أنه بلغه أن رجلا قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد حتى أبتاعه منك إلى أجل فسأل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه) اهـ.
والمسألة مبسوطة لدى المالكية كما في:(١)
المنتقى لأبي الوليد الباجي ٥/٣٨ – ٣٩، والكافي لابن عبد البر، (والمقدمات) لابن رشد ٢/٥٣٧، وخليل في (المختصر) وشراحه كافة.