(والثاني) أن له الأقل من إجارة مثله أو الدينارين، وابن حبيب يرى أن المأمور إذا نقد فقد تقدم الحرام بينهما فتدبر ذلك، (وأما الثانية) وهو أن يقول: اشتر لي سلعة كذا بعشرة نقدا، وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل، فذلك حرام لا يحل ولا يجوز؛ لأنه رجل ازداد في سلفه، فإن وقع ذلك لزمت السلعة للآمر؛ لأن الشراء كان له، وإنما أسلفه المأمور ثمنها ليأخذ به منه أكثر منه إلى أجل، فيعطيه العشرة معجلة ويطرح عنه ما أربى، ويكون له جعل مثله بالغا ما بلغ في قول، والأقل من جعل مثله أو الدينارين اللذين أربى له بهما في قول، وفي قول سعيد بن المسيب: لا أجرة له بحال؛ لأن ذلك تتميم للربا، كالمسألة المتقدمة، قال في سماع سحنون: وإن لم تفت السلعة فسخ البيع، وهو بعيد، فقيل: معنى ذلك إذا علم البائع الأول بعملهما، وأما الثالثة وهي أن يقول له: اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا أبتاعها منك بعشرة نقدا فذلك أيضا حرام لا يجوز، ومكروهه أنه استأجر المأمور على أن يبتاع له السلعة بسلف عشرة دنانير يدفعها إليه ينتفع بها إلى الأجل ثم يردها إليه، فيلزم الآمر السلعة باثني عشر إلى أجل ولا يتعجل المأمور منه العشرة النقد، وإن كان قد دفعها إليه صرفها عليه، ولم تترك عنده إلى الأجل، وكان له جعل مثله بالغًا ما بلغ في هذا الوجه باتفاق، وأما الرابعة وهي أن يقول له: اشتر سلعة كذا بعشرة نقدا وأنا اشتريها منك باثني عشر نقدا، فاختلف في ذلك قول مالك: فمرة أجازه إذا كانت البيعتان جميعا بالنقد وانتقد، ومرة كرهه للمراوضة التي وقعت بينهما في السلعة قبل أن تصير في ملك المأمور، وأما الخامسة وهي أن يقول: اشتر لي سلعة كذا بعشرة نقدا وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل، فهذا لا يجوز إلا أنه يختلف فيه إذا وقع، فروى سحنون عن ابن القاسم، وحكاه عن مالك أن الآمر يكره الشراء باثني عشر إلى أجل؛ لأن المشتري كان ضامنا لها لو تلفت في يده قبل أن يشتريها منه الآمر، ولو أراد أن لا يأخذها بعد اشتراء المأمور، كان ذلك له، واستحب للمأمور أن يتورع فلا يأخذ من الآمر إلا ما نقد في ثمنها، وقال ابن حبيب: يفسخ البيع الثاني إن كانت السلعة قائمة، وترد إلى المأمور، فإن فاتت ردت إلى قيمتها معجلة يوم قبضها الآمر، كما يصنع بالبيع الحرام؛ لأنه كان على مواطأة بيعها قبل وجوبها للمأمور، فدخله بيع ما ليس عندك، وأما السادسة وهي أن يقول له: اشترها لنفسك باثني عشر إلى أجل، وأنا أبتاعها منك بعشرة نقدا، فروى سحنون عن ابن القاسم أيضا، أن البيع لا يرد إذا فات، ولا يكون على الآمر إلا العشرة، وأحب إليه أن لو أردفه الخمسة الباقية؛ لأن العقدة الأولى كانت للمأمور، ولو شاء المشتري لم يشتر، وقال ابن حبيب: يفسخ البيع الثاني على كل حال، كما يصنع بالبيع الحرام للمواطأة التي كانت للبيع قبل وجوبها للمأمور، فإن فاتت ردت إلى قيمتها يوم قبضها الثاني، وهو ظاهر رواية سحنون أن البيع الثاني يفسخ ما لم تفت السلعة، وبالله سبحانه وتعالى التوفيق وهو الهادي إلى أقوم طريق.