للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصورة الثانية: التي تنبني على التواعد غير الملزم بين الطرفين مع ذكر مسبق لمقدار ما سيبذله من الربح ومراوضته عليه فقد تقدم في كلام ابن رشد أنها من العينة المحظورة؛ لأنه رجل ازداد في سلفه وتقدم نقل كلام الشرح الصغير. والله أعلم.

والصورة الثالثة: التي تنبني على المواعدة والالتزام بالوفاء بها بالاتفاق بين الطرفين، قبل حوزة المصرف للسلعة، واستقرارها في ملكه، مع ذكر مقدار الربح مسبقا واشتراط أنها إن هلكت فهي من ضمان أحدهما بالتعيين، فهذه حكمها البطلان والتحريم فهي أخية القرض بفائدة، وذلك للأدلة الآتية:

١- أن حقيقتها عقد بيع على سلعة مقدرة التملك للمصرف مربح قبل أن يملك المصرف السلعة ملكا حقيقيا وتستقر في ملكه.

٢- عموم الأحاديث النبوية التي نصت على النهي عن بيع الإنسان ما ليس عنده.

منها حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني المبيع لما ليس عندي فأبيعه منه ثم أبتاعه من السوق، فقال صلى الله عليه وسلم ((لا تبع ما ليس عندك)) رواه أصحاب السنن وقال الترمذي: حديث حسن

، فسبب الحديث نص في بيع الإنسان ما لا يملك فحكم صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه، قال ابن قدامة في " المغني " (١) .

" لا نعلم فيه خلافا " اهـ.

وعلته والله أعلم " الغرر في القدرة على التسليم وقت العقد " (٢) .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك)) . رواه أصحاب السنن وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى (٣) :

(فاتفق لفظ الحديثين على ((نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عنده)) فهذا هو المحفوظ عن لفظه صلى الله عليه وسلم وهو يتضمن نوعا من الغرر فإنه إذا باعه شيئا معينا وليس في ملكه، ثم مضى ليشتريه ويسلمه له كان مترددا بين الحصول وعدمه فكان غررا يشبه القمار فنهى عنه، وقد ظن بعض الناس أنه إنما نهى لكونه معدما فقال: لا يصح بيع المعدوم، وروى في ذلك حديثا ((أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المعدوم)) ، وهذا الحديث لا يعرف في شيء من كتب الحديث ولا له أصل) اهـ.


(١) ٤/٢٠٦
(٢) الغرر وأثره في العقود ص ٣١٩
(٣) زاد المعاد ٤/٢٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>