للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة المجوزين للإلزام بالوعد في بيع المرابحة، ودفعها:

استدل المجوزون لإلزام كل من البنك والآمر بالشراء بوعده في بيع المرابحة للآمر بالشراء بدليلين:

الأول: أن الوعد ملزم للطرفين قضاء طبقا لأحكام المذهب المالكي، وملزم للطرفين ديانة طبقا لأحكام المذاهب الأخرى، وما يلزم ديانة يمكن الإلزام به قضاء، وإذا اقتضت المصلحة ذلك وأمكن للقضاء التدخل فيه (١) .

الثاني: الأخذ بالإلزام هو الأحفظ لمصلحة التعامل واستقرار المعاملات، وفيه مراعاة لمصلحة المصرف والعميل (٢) .

والدليلان غير مقبولين عندي:

أما الدليل الأول، فغير وارد في مسألتنا هذه؛ لأن الوعد الذي وقع الاختلاف فيه بين المالكية وغيرهم، فقال المالكية بالإلزام به ديانة وقضاء، وقال غيرهم بالإلزام به ديانة لا قضاء، هو الوعد بالمعروف من جانب واحد، كأن يعد شخص آخر بأن يدفع له مبلغا من المال، ومسألتنا هذه ليست من هذا القبيل؛ لأن الوعد فيها من أحد الطرفين يقابله وعد من الطرف الآخر، فهو أقرب إلى العقد منه إلى الوعد، وينبغي أن تطبق عليه أحكام العقد.

ثم إن الوعد الملزم الذي يجب الوفاء به ديانة وقضاء، أو ديانة فقط، هو الوعد الذي لا يترتب على الإلزام به محظور، والإلزام بالوعد في مسألتنا هذه يترتب عليه محظور، هو بيع الإنسان ما لا يملك.

وبناء على هذا فلا يصح القول بالإلزام بالوعد في هذه المعاملة اعتمادا على رأي المالكية أو غيرهم، ويؤيد هذا أن الإمام مالكا وفقهاء المالكية من بعده نصوا على منع هذه المعاملة إذا وقعت على الإلزام (٣) .


(١) مؤتمر المصرف الإسلامي بدبي ١٣٩٩هـ- ١٩٧٩م ص١٤
(٢) مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني بالكويت ١٤٠٣هـ – ١٩٨٣م
(٣) راجع ص ٣ وراجع شراح متن خليل عند قوله: " جاز لمطلوب منه سلعة ... "

<<  <  ج: ص:  >  >>