للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ – الاعتراض الوارد على تصنيف بيع المرابحة للآمر بالشراء ضمن بيوع العينة المحرمة.

شبه بعض الكاتبين الصورة الواردة في كتاب الأم بما أورده المالكية في كتبهم حيث قالا بأن من صور العينة أن يقول الرجل: اشتر لي سلعة كذا بعشرة نقدًا وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل قال ابن رشد (الجد) في المقدمات فذلك حرام لا يحل ولا يجوز، لأنه رجل ازداد في سلفه (١) .

وقال الدريدير في " الشرع الصغير " العينة جائزة إلا أن يقول الطالب: اشترها بعشرة نقدًا وأنا آخذها منك باثنى عشر إلى أجل، فتمنع، لما فيه من تهمة سلف جر نفعًا، لأنه كأنه سلفه عشرة- ثمن السلعة – يأخذ عنها بعد الأجل اثنى عشر (٢) .

والصورة هنا – كما هو واضح – تختلف عن الصورة الواردة في كتاب الأم من حيث أسس بناء التصور والمفهوم والمقصود.

فالتصور في هذه الصورة التي أوردها المالكية هو أن الراغب في الشراء يطلب من الشخص المعنى أن يشتري السلعة له (أي للراغب نفسه) حيث يقول له اشتر لي سلعة كذا وهذا يعني أنه يوكله الشراء، والوكيل كما هو معروف أمين فإذا هلك ما تحت يده بلا تعد ولا تقصير فإنه يهلك على ملك الأصيل. فلا محل لمرور الضمان هنا بذمة المشتري الوسيط حيث يصبح الثمن المدفوع قرضًا أو سلفًا بدأ بعشرة دراهم وانتهى باثني عشر درهمًا، وهذا حرام لأن فيه سلفا وزيادة، وهذا ما أوضحه الدردير في الشرح الصغير حين قال كأنه سلفه عشرة (ثمن السلعة) ليأخذ عنها بعد الأجل مقدار اثنى عشر.

أما الصورة التي أوردها الإمام الشافعي فهي تتناول صورة الشراء الكامل من جانب المطلوب منه الشراء. وهو شراء حقيقي يتطلب المرور بذمته وذلك بدليل أن هناك حاجة إلى إجراء عقد البيع اللاحق فإذا لم يتم عقد ذلك البيع فلا بيع بينهما.

فهنا لا بد من وجود اتفاقين منفصلين يتضمن الأول منهما المواعدة ثم يتم في الثاني إتمام العقد وذلك أمر قد يتحقق وقد لا يتحقق، حيث يحتلم عدم وجود السلعة أو عدم تمكن المأمور بالشراء من الحصول عليها بالسعر الذي يحدده الآمر أو بالوصف الذي يطلبه.

ثم قد يحدث التملك ولكنه يعجز عن التسليم إلى غير ذلك من أحوال.


(١) الشرح الصغير ج ٣ص ١٢٩ طبعة دار المعارف نقلًا عن كتاب القرضاوي – بيع المرابحة للآمر بالشراء صفحة ٥٥
(٢) الشرح الصغير ج ٣ ص ١٢٩ طبعة دار المعارف نقلًا عن كتاب القرضاوي – بيع المرابحة للآمر بالشراء، صفحة ٥٥

<<  <  ج: ص:  >  >>