٦- والواقع أن بيع المرابحة للآمر بالشراء بعد أن أخذت المصارف الإسلامية في العمل به قد وقع في محاذير وإشكالات متعددة تتعارض مع ما اعتمد من قواعد لتخريجه والأخذ به.
وقد كان ذلك نتيجة لعدم وضوح الرؤية الفقهية السليمة لهذا العقد أو لوجود بعض العقبات القانونية والعملية التي صادفتها البنوك الإسلامية عند التطبيق وقد تمت معالجتها دون انتباه لأصل المعاملة وشروطها وأساسياتها.
وقد ساعد على ذلك أن كثيرا ممن يتصدون للعمل المصرفي الإسلامي من المصرفيين الفنيين الذين لا تتوافر لديهم المعرفة الفقهية المطلوبة.. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها المستشارون الشرعيون وهيئات الرقابة الشرعية في عدد من البنوك الإسلامية فإن بعض الصور قد ندت عن هذه القواعد ولم تلتزم بها بشكل تام ويعود ذلك إلى أسباب منها:
أ- نقل الصيغ العملية للتطبيق دون عرضها على المستشارين الشرعيين أو هيئات الرقابة الشرعية.
ب- حاجة بعض هذه القضايا إلى اجتهاد جماعى عميق حيث لا يصح أن تترك للاجتهاد الفردي العاجل.
جـ- النظر الجزئي لهذه القضايا وعدم الربط لها بالقواعد الأساسية التي قام عليها بيع المرابحة للآمر بالشراء في الأصل.
٧- هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ركزت كثير من البنوك الإسلامية على أسلوب بيع المرابحة للآمر بالشراء ولم تهتم بأساليب الاستثمار الأخرى كالمضاربة والمشاركة المتناقصة وذلك لسهولة هذا الأسلوب، ولأنه يلبي حاجات التمويل العاجل والذي عليه طلب متزايد، بالإضافة إلى أن البنوك في التطبيق ركنت لهذه الصيغة لأنها استطاعت أن تطبقها بطريقة تكاد تحميها من كل احتمالات التعرض لأي خسارة. وإن معظم إجراءات هذا الأسلوب كما طبق إجراءات مكتبية مربحة.
٨- وهكذا كادت هذه الصيغة – في عدد من المصارف- أن تنقلب إلى مجرد صيغة تمويل مالي يعود على البنك بما يسمى بالربح دون أن يقدم البنك غير المال، وبلا أي مخاطرة يمكن أن يتعرض لها البنك وفق الظروف والأحوال العادية ... إلا إذا افترضنا الزلازل والكوارث مما يدخل في الظروف القاهرة، ولا يجري حسابه عند تحديد الالتزامات في العقود ... وإذا أصبحنا أمام تمويل بدون مخاطرة وكان يسترد بزيادة فهذا الربا بعينه، فهو قرض بزيادة وإن أخذ صورة البيع.