للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طبائع السلعة وعلاقتها بهذه المعاملة:

١٠- وإذا اتجهنا إلى طبائع السلع فهذا يعني إخراج بعض السلع من الدخول في دائرة التعامل ببيع المرابحة للآمر بالشراء وهي السلع التي يكون دخولها في ملك البنك دخولا شكليا، وإنه لا يتصور أي ضمان أو مخاطرة عليه فيها.. وعندها يكون الاستثمار في هذا النوع من السلع بطرق استثمار أخرى تقررها الشريعة.

وعليه فإن من شروط بيع المرابحة للآمر بالشراء أن يكون محله سلعا تقبل طبيعتها المخاطرة المحتملة، فلا يجوز مثلا أن يكون محلها شراء قطعة أرض، لأن الأرض لا يتصور فيها تبعة هلاك يمكن أن تقع على البنك، كما لا يتصور فيها عيوبا خفية موجبة للرد.

وهذا النظر يحد في التطبيقات من دائرة انتشار بيع المرابحة للآمر بالشراء الذي طغى على صور الاستثمار الأخرى من مشاركة ومضاربة. وأدى ذلك إلى سلبيات كثيرة ... فلا يعني تقرير عقد من العقود أن كل شيء يصلح محلا له، فلا بد أن يكون المحل قابلا لحكم العقد أو منسجمًا مع طبيعته وهذا هو الميزان العملي للتفريق بين أنواع العقود، فليس كل شيء يقبل الإجارة، وما يقبل البيع قد لا يقبل الإجارة مثلًا.

١١- والواقع أننا في بيع المرابحة للآمر بالشراء لا نتحدث عن عقد البيع وطبيعته وأساس مشروعيته، إنما نتحدث عن معاملة مركبة لها شروطها الخاصة التي يجب أن تراعى في كل الأحوال ... وأي نظر فيها لعقد البيع وحده هو عدم انتباه لطبيعة هذه المعاملة المركبة فكيف إذا كان هذا النظر سوف يوقعنا في الربا الذي استحدثنا هذه الصور في التعامل من أجل الهروب منه نسأل الله العفو والعافية.

مشكلات التطبيق وحلول مقترحة:

١٢- ولا يعني هذا أن التطبيق العملي لهذه المعاملة المركبة لا يوجد مشكلات تحتاج إلى نظرة ومعالجة.. فهذا لا بد أن يقع.. ولكن يجب أن تواجه المشكلات بنظر لا يغفل عن أصل المسألة، وبحيث لا تنسف الحلول المقترحة الشروط الأصلية المقررة.

فإذا قيل مثلا إن العميل قد يغرر بالبنك ويدفع لشراء سلعة من جهة غير مأمونة قد تضيع حقوق البنك، فلنبحث في صيغة مناسبة لكفالة العميل للبائع أن لا يخل بالتزاماته تجاه البنك.

وإذا قيل إن الوعد الملزم قد يتفلت منه العميل وقد ينتهي الأمر بالبنك إلى المطالبة بما وقع عليه من أضرار فعلية قد يطول الحكم بها في القضاء فيمكن البحث في تبني صيغة بيع المخايرة بين البنك وبائع السلعة ويقوم البنك في فترة الخيار وبعد ملك السلعة وتسلمها بالبحث في علاقته مع الآمر بالشراء كما يمكن بحث أخذ العربون من الآمر بالشراء ضمن تكييف شرعي مقبول.

ولكن كل هذه الحلول وأي حلول أخرى يجب أن تبقى المسألة في إطارها الأول ولا تحول دخول البنك في هذه الصيغة إلى مجرد تمويل بدون مخاطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>