وأصل الموالاة في بدء الإسلام هو أن النبى صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار وكانوا تسعين رجلًا نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار فآخى النبى صلى الله عليه وسلم بينهم على المؤاساة ويتوارثون بعد الموت دون ذوى أرحامهم إلى حين وقعة بدر، قال ابن عباس: كان المهاجرى يرث الأنصاري دون قرابته وذوى رحمه للأخوّة التى آخى بينهما رسول الله.
ولهذا يقول الزبير بن العوام: إنا معشر قريش لمّا قدمنا المدينة قدمناها ولا مال لنا فوجدنا الأنصار نعم الإخوان فواخيناهم ووارثناهم فآخى أبو بكر خارجة بن زيد وآخى عمر فلانًا وآخى عثمان رجلًا من بنى زريق بن سعد، قال الزبير: وآخيت أنا كعب بن مالك فوالله يا بنى لو مات عن الدنيا ما ورثه غيرى حتى أنزل الله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} فرجعنا إلى مواريثنا وبقيت المناصرة الدينية. ذكره ابن كثير في التفسير عن أبي حاتم.
فما ينسب عن عمر وعلى وابن مسعود فمحمول على ذلك في بداية الإسلام والا فقد أجمع الصحابة على نسخه، فلم يحفظ عن أحد منهم القول به ولا الحكم بموجبه.
والوصية بماله كله ممن لا وارث له جائز في ظاهر مذهب الإمام أحمد، ولهذا قالوا: وتجوز الوصية بماله كله ممن لا وارث له.
والحكم في الموالاة على العقل هو الحكم في الإرث، على حسب ما ذكرنا وأنه منسوخ، وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإيجاب دية الخطأ على العاقلة كما في الصحيحين عن أبي هريرة، قال: اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله فقضى رسول الله أن دية الجنين غرة عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم فقام حمل بن النابغة الهذلى، فقال: يا رسول الله، كيف نغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل ومثل ذلك يطل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إنما هذا من اخوان الكهان)) من أجل سجعه الذي سجعه. فمضى الأمر على هذا وانعقد عليه الإجماع.