للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: الآثار الاقتصادية لتطبيق عقد المرابحة:

لا خلاف على أن لصيغة المرابحة جوانب إيجابية عديدة لعل أهمها يتمثل في توفير بديل "شرعي" لعمليات التمويل الربوي قصير الأجل الذي تقدمه البنوك التقليدية وكذلك في تأمين انسياب السلع المطلوبة للمجتمع بتكلفة نهائية يمكن أن تكون أقل مما هي عليه في حالة التمويل بالفائدة. وكلا الهدفين لازم لحركة النشاط الاقتصادي ولخدمة جماهير المستهلكين.

ولكن الذي يمكن أن يثور حوله الخلاف هو الشروط والضوابط التي يمكن من خلالها تجنب المزالق التي نشأت في بعض الأحيان ليس من المرابحة كصيغة شرعية للتعامل –في حدودها المتفق عليها- وإنما في طريقة تطبيقها ومداه. وبصورة أكثر تحديدًا فإننا يمكن أن نبرز ما يلي:

١- نظرًا لأن صيغة المرابحة قد قدمت للبنوك الإسلامية صورة للتوظيف أقرب ما تكون شكلًا لصيغة الائتمان القصير التقليدية من حيث انخفاض درجة المخاطرة نتيجة توافر درجة عالية من الضمانات – وخاصة في حالة الأخذ لإلزام طالب الشراء بوعده وأخذ العربون وعد رده كليًا أو جزئيًا مقابل الضرر الذي قد ينشأ- وكذلك سرعة دوران رأس المال أدى ذلك كله إلى إقبال تلك البنوك على توجيه كم متزايد من أموالها لتلك الصيغة.

٢- ساهم عدم توافر الكفايات المهنية اللازمة لدراسة مجالات المشاركة الدائمة أو المتناقصة، واتخاذ القرار بشأنها وعدم الرغبة –أو المقدرة- على تحمل مسئولية ذلك القرار ساهم ذلك كله في تدعيم الاتجاه نحو توظيف كم متزايد من الأموال في عمليات المرابحة وكان ذلك بالضرورة على حساب التوظيف طويل الأجل ومتوسط الأجل.

٣- أدت رغبة البنوك الإسلامية –أو بعضها- في الدخول في منافسة غير مطلوبة ولا مرغوبة مع البنوك التقليدية في مجال العائد الذي يحصل عليه العميل ومدى دورية ذلك العائد ليس فقط إلى توجيه الأموال للمرابحات وإنما لتوجيه جانب ليس بالبسيط منها إلى تمويل عمليات شراء السلع نصف الكمالية والكمالية حيث يكون هامش الربح الممكن الحصول عليه أعلى ودرجة المخاطرة أقل كما في حالة السيارات التي تظل قانونًا مملوكة للبنك حتى تمام السداد. وقد كان ذلك بطبيعة الحال على حساب ما يمكن توجيهه للسلع الضرورية ذات هامش الربح المنخفض فضلًا عن تفضيل المرابحات ذات المدى الزمني القصير ما أمكن أو فرض معدلات ربح عالية مقابل الأجل وهو ما أثار بالضرورة تساؤلات لا ترتبط فقط بالشرعية بل بطبيعة البنوك الإسلامية ذاتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>