للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقيت البنوك الإسلامية الكثير من الترحيب والتشجيع منذ قيامها وتمثل هذا التشجيع بالزيادة الكبيرة والمطردة في حجم الودائع لدى هذه البنوك. ذلك أن تأسيس هذه البنوك أوجد منفذًا للكثير من أصحاب الأموال الذين لا يتقاضون أية فوائد على أموالهم فوجدوا في البنك الإسلامي مكانًا مناسبًا لاستثمار أموالهم التي ظلت معطلة سنين طويلة. يضاف إلى هذا انجذاب المتعاملين الآخرين الذين لا تحركهم الاعتبارات الدينية بل جذبتهم النجاحات المبدئية التي حققتها تلك البنوك والعوائد المرتفعة التي تمكنت من توزيعها على المودعين في مراحل مختلفة.

٣-٢- إلا أن نجاح البنوك الإسلامية متمثلًا في الإقبال المتزايد للمودعين كان في حد ذاته بداية لمشاكل فنية حقيقية لهذه البنوك.

إن الأموال المتراكمة لدى البنوك الإسلامية كانت ولا تزال تبحث لها عن منافذ شرعية تستثمر بها حتى تعطي مردودًا مناسبًا للمودع وللبنك، فدعوة البنك الإسلامي لنفسه بأنه قام بتطهير الأموال من الربا واستثمار مال المسلمين فيما ينفع المسلمين خارج نظام الفائدة وخارج إطار الإقراض والاقتراض قد حددت مسار البنوك الإسلامية بصفة نهائية – في رأي الكاتب - في الاستثمار. " فالاستثمار يشكل طبيعة عمل المصارف الإسلامية وذاتها بل وحياتها، وبدونه لا يتصور لها استمرارية - وهي في هذا تعطي النموذج الفريد في التوحد في توجهاتها مع أهداف دولها في الاستثمار والتنمية " (١)

وكما هو معلوم فالاستثمار المرتبط بالتنمية بالمعنى الذي تقصده وترغب في تحقيقه البنوك الإسلامية هو استثمار طويل الأجل بطبيعته، ويجب أن يتم في مجالات وفرص مجدية.

٤- المعوقات التي واجهتها البنوك الإسلامية في توجهاتها الاستثمارية:

واجهت البنوك الإسلامية ولا زالت العديد من المعوقات التي تعترض طموحاتها الاستثمارية، وأهم هذه المعوقات في نظر الكاتب ما يلي:

أولًا: العادات الربوية لدى المودعين:

ومنها أن المودع يودع أمواله في آجال قصيرة لا تتجاوز السنة في أغلب حالاتها، وفي القليل جدًّا من الحالات أصبح المودع يودع في نوع من الودائع المطلقة وهي التي تشبه الودائع بإشعار لدى البنوك التقليدية – وهذا أيضًا ما يجعل من هذه الودائع ودائع قصيرة الأجل عند دراسة طبيعة الموارد المتاحة للاستثمار.

إن مثل هذا الوضع يحد من قدرة المصرف الإسلامي على الاستثمار في الأجل الطويل إذ لابد من تماثل الاستحقاقات بين مصادر الأموال وبين استخداماتها، وهي ما يسمى بالإنجليزية “MATCHFUNDING”؛ لأن الإخلال بهذا التماثل بشكل كبير يعرض المصرف لمخاطر كثيرة أهمها احتمال توقفه عن الدفع.

ثانيًا: يرتبط بالعادات الربوية لدى المودعين عادة أخرى أهمها أن الإنسان فطر على حب الكسب وكره الخسارة.

ومن واقع الخبرة العملية فإن المودع لدى البنك الإسلامي – وإن كان يقبل مقدمًا وعلى الورق على الأقل بمبدأ المشاركة في الخسارة - ينتظر الأرباح الموزعة آخر العام.


(١) أحمد أمين فؤاد – معوقات الاستثمار في البلاد الإسلامية وسبل التغلب عليها ص٢ من أبحاث المؤتمر الثالث للمصرف الإسلامي- دبي – أكتوبر ١٩٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>